لم تمضِ أسابيع قليلة على زيارة الملك فيصل المفدى إلى عدة بلدان إسلامية في القارة الإفريقية حتى ظهرت نتائجها المثمرة مشرقة وضاءة تبشر بالخير شهد بها الأخ والصديق، ولمسنا آثارها على علاقة العدو الصهيوني بتلك البلدان..
لقد كنت أشعر دائماً أن الإسلام وما تحتوي تشريعاته من تنظيم للعلاقات البشرية على مختلف المستويات، سواء الفرد منها والجماعة والمجتمعات المختلفة التي ينتمي إليها الإنسان العربي هو إمكانية عظيمة وثروة ثمينة تساعدنا على حل مشكلاتنا ومواجهة قضايانا وتحقيق السعادة التي أخذنا نفتقدها منذ أن ازداد العدو الصهيوني شراسة وعدواناً على أمتنا العربية ومقدساتنا الإسلامية، فأخذ يهدد من أمننا ويهدر من كرامتنا التي نعتز بها على مدى التاريخ المشرق الذي سجله آباؤنا وأجدادنا.. وكانت صفحاته بيضاء ناصعة أنارت العالم حضارة ومدنية وعلماً وتقدماً وأمناً.
وقد سمعنا الكثير عن التغلغل الصهيوني في إفريقية، وكيف يحاول العدو الصهيوني أن يمد سواعد أخطبوطه في إفريقية بوسائل مختلفة بالخبراء حيناً وبالوسائل المباشرة وغير المباشرة حيناً آخر، وكنا نقف حيارى أمام هذه الخطط المنظمة التي تعمل لها هذه الدويلة الصهيونية في تنفيذ أساليب الدعاية والتغلغل في أنحاء العالم، إنه لا يترك فرصة تفوته إلا ويقدم على استغلالها بأساليب جهنمية.. ثم جاءت الخطوة المباركة للملك فيصل رائد الأمة الإسلامية عندما قام جلالته بزيارة تلك البلدان الإسلامية، ولم يكن في ذلك قاصداً النزعة أو الاستجمام، ولكنه كان يؤمن بالدعوة التي دعا إليها، واتخذ من الصبر والجهد الصامت الواعي سبيلاً إليها، فأخلص لها، فكره وقلبه وعزيمته، إنه أدرك أن نور الإيمان والتوحيد الذي خمد في نفوس الأمة الإسلامية نتيجة الجهود المتواصلة للعدو في تفكيك عرى هذه الأمة وإضعاف شوكتها والعمل على قطع روابط الصلة بين أبنائها.. إن هذا النور لم ينطفئ في القلوب المؤمنة بعد، إنه بحاجة إلى قليل من الجهد لتحريكه وإثارته لنرى النور الكامن قد تحول إلى نور ساطع مضيء للقلوب المؤمنة يشد العزيمة ويربط الأخوة المسلمة برباط قوي، يعود بالخير والعز على الأمة ويسلط لهيباً محرقاً يرد على أعدائها..
لقد أدرك جلالة الملك فيصل المفدى أن رابطة الأخوة الإسلامية هي ثروة عظيمة لقضيتنا ولها معنى قوي لهذه الأمة تمتد جذوره أصيلة في النفوس.. بذل الآباء والأجداد من أجل نشر كلمة التوحيد في أنحاء المعمورة النفس والنفيس.
وهكذا كانت دعوة الفيصل إلى هذه الدول الإسلامية وجهوده المباركة هي الرد الأقوى من الجهود المضللة كلها التي بذلتها الصهيونية الغادرة من أجل الدعاية لنفسها طيلة السنوات السابقة.. إنه لا ينكر نعمة الإسلام إلا أعداء الإسلام، فأبناء تلك الدول يشعرون بنعمة الإسلام ويعرفون فضل الإسلام.
إن دعوته كانت بمثابة الاستفادة من طاقات هذه الأمة العظيمة على مستوى العلاقات التي تربطنا بالمجتمعات الأخرى..
ولو حذا كل منا حذو رائد هذه الأمة في أن يعمل بقلبه وبفكره في سبيل رفع كلمة الإسلام وإرضاء الله تعالى، ولو بذل كل منا جهده في معركة الجهاد المقدس التي هي مفروضة لوجدنا أننا خطونا خطوات واسعة ولوفرنا على أبنائنا فلذات أكبادنا والأجيال القادمة كثيراً من التجارب القاسية المؤلمة مع هذا العدو الشرس الذي لا يرحم الضعيف وليس له من سبيل سوى الغدر والعدوان.
فهل يا ترى أخلص كل منا التفكير في قضايا هذه الأمة وبذل ما في وسعه من إمكانات لنصرة أهدافها، فإن العمر والمال والعلم والشباب كل ذلك كان الإنسان عنه مسؤولاً.. ونحن ما زلنا بحاجة إلى أن نكون أقوى مما نحن عليه الآن ونحتاج إلى كثير من الجهود المخلصة لأفراد هذه الأمة.
|