في المداخلة السابقة ورد تساؤل حول الحروف والأرقام غير العربية في لوحات السيارات وكان المقصود إثبات غنى اللغة العربية وأنَّ تفردها وسيادتها لا يترك فراغاً يستدعي الحال ملأه بحروف أو أرقام من لغة أخرى، وفي هذه الأسطر نستكمل ما أشرنا إليه فيما يخص كلمة (السعودية) باعتبارها مصطلحاً يغني في حالات معينة عن كامل اسم (المملكة العربية السعودية) وتارة يُكتفى بحرفين عربيين للدلالة على المقصود (ع س) عند الاقتضاء. وفي هذه الأيام نقلت بعض وسائل الإعلام أن مصطلحاً وافداً غير عربي سيحل محل المصطلح الأول. وعلى فرض صحة الرواية فإن كلمة (السعودية) كاملة أو مختزلة في حرفين (ع س). ستغيب عن ميدان اللوحات وستفسح المجال للوافد الجديد الذي هو عبارة عن حرفين غير عربيين هما: (SA). ونظراً إلى أن اللوحات من أكثر الأشياء استعمالاً وشهرة وتداولاً ورؤية واحتكاكاً بالمواطنين وغيرهم فإن حملها لكلمة السعودية كاملة أو مختزلة بصبغتها العربية وبعبقها التاريخي والتراثي وتوثيقها الرسمي باعتبارها جزءاً من اسم عزيز غالٍ صدر به مرسوم ملكي في عهد المؤسس الباني الملك عبدالعزيز - رحمه الله - هذه الأصالة وهذا العمق من الملائم ومن المعقول أن يشفع لها في البقاء والاستمرار في مواجهة المصطلح غير العربي الوافد إذ من المعلوم لدى كل منصف أن الحفاظ على لغة الأمة أياً كانت تلك الأمة وبخاصة الأمم العريقة لا يعني بحال من الأحوال الانغلاق ولا يعني التعصب ولا يعني ضيق الأفق إذ لو كان الأمر كذلك لساغ وصف أكثر الدول تقدماً وحضارة بهذه الأوصاف السلبية. حيث إنها مصرة ومتفانية وباذلة قصارى جهدها في حماية لغاتها وفي احترامها ولا تخشى في ذلك لومة لائم.
اللغة العربية تنتظر من الجميع الدعم والمساندة والرعاية وحاشاها أن تخذل أو تهان من قبل أهلها وذويها وفي عقر دارها.
وهي تستحق الصدارة بين اللغات البشرية بجدارة واقتدار.
إذا خانك الأدنا الذي أنت حزبه
فوا عجباً إن سالمتك الأباعد
إن كل مخلص يرحب بالجهود الفنية والتقنية المتميزة التي ستخرج بها اللوحات الجديدة ويشد على الأيدي المخلصة التي تسعى لحماية أمن الأمة ومكتسباتها، ومن حسن الحظ أن تكون كل وسائل التقنية والتقدم منسجمة مع اللغة العربية ومتفاعلة معها من كل الوجوه.
د. حمد الفريان |