Sunday 30th July,200612358العددالأحد 5 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

نعم.. وسائل إعلام مسؤولة نعم.. وسائل إعلام مسؤولة
مندل عبد الله القباع

ما من شك أن الإعلام بأجهزته المختلفة يمثل ترفاً وثراءً في البرامج والمواد والأبواب ذات الوفرة في الانتشار والتوسع في مساحة المضامين والاستفادة من الأدوات التكنولوجية الحديثة ذات الإنتاج العالي في قدرته التنافسية وتسهيل وصوله بمضامينه للمواطن؛ مما يدعو للإرشاد والتوجيه حتى لا يهوى في غياهب العشوائية فيما يقدمه من مواد المفروض أنها تساعد في تشكيل وعي المواطنين كما أنها تساهم في عملية التنشئة السياسية والثقافية والاجتماعية باعتبار وسائل الإعلام منظمات تربوية تقوم على مبدأ الالتزام القيمي عند إبداء الرأي وحرية التعبير في ضوء ثقافية المجتمع وموهبته، فهو إعلام ملتزم الوظائف والأدوار والتعامل الموجب مع الرأي العام وصقل قدرات ومهارة التصدي لتحديات الواقع في عالم متغير، فنحن نعيش ثورة الاتصالات وغزارة المعلومات وتدخل أجهزة الكمبيوتر وشبكة الإنترنت التي يمكنها في يسر شديد أن تنقل إليك أخبار العالم فور وقوعها وكشف المعلومات والمعارف من أي جهة في العالم المعاش والمحيط.
إنه ركب الحضارة بإبداعه وتقدُّمه المذهل.
هذا اليُسر والثراء في المعلومات يدفع الإنسان كي يعيش في رفاهة ورضى، وله أن يقيم الواقع ويستفيد من معطياته العلمية (زرع الأجنة.. والأعضاء.. واستصلاح الأراضي.. وما إلى ذلك).
وهكذا يتوجب العلو على المصالح الشخصية والتوجه لما فيه صالح البشرية، والتمسك بالقيم العليا والمثل السامية، وعدم التمحور حول الذات، وشحذ الهمة للانطلاق نحو العالمية مسلحين بقيم ومبادئ ديننا الحنيف.
وسوف نركز في مقالنا هذا على وسيلة مهمة واحدة من وسائل الإعلام المقروءة، وهي الصحافة؛ حيث يتوجب ترشيد الكتابة فيها، فلا تترك للعشوائية المقيتة التي لا تهدف إلى تحقيق أهداف النشر في دعم ثقافة المجتمع وترسيخ قيمه المعيارية، فمهما بلغت مساحة حرية الرأي يجب أن يكون مع وليس ضد ما تعارفنا عليه من قيم رسخت في وجداننا ودعمت أصالتنا وتدعم حداثتنا أو حتى ما بعد الحداثة، فالمنطلق أمام الجميع هو القيم والنهوض بها والسمو والإعلاء من شأنها والافتخار بها والحرص على السير بموجبها، إلا إذا كان أكثر منها اقتداء، وخصوصاً إذا كانت في مجال التطور العلمي والتقني الذي بلغت فيه المملكة شأناً كبيراً؛ مما يثبِّت من أقدامنا في حوار الحضارات وصراع الثقافات ومهما بلغت مطالب التغير الراكض الذي نتعامل معه ونحن مسلحون بقيم الحق والخير والسلام.
وإزاء ذلك نرفض النشر الغوغائي المترنح الذي يشبع غرائز تحتاج لعمل مضنٍ من أجل السمو بها، ونسوق مثلاً: لقد قرأنا يوماً حديثاً على لسان حارسة بإحدى المؤسسات العقابية للسيدات، وهي مؤسسة إصلاحية تأديبية وتأهيلية، وجاء على لسان هذه الحارسة - في حديث غير مسؤول - أن فتاة حادت عن خط الاستقامة السلوكي، ونحن من موقع مسؤوليتنا الوظيفية الاجتماعية نرى أن الانحراف السلوكي يعتبر مرضاً يتوجب العلاج، وذلك بالبحث عن العوامل المسببة والمهيئة وعن التعامل المباشر مع هذه العوامل، وقد تكون عوامل ذاتية أو بيئية. وقد ذكرت تلك الحارسة أن هذه الفتاة الموتورة تعرفت بطريقة ما على ثلاثة شباب مراهقين شاركوها السلوك الانحرافي الذي نتج عنه ثلاثة أطفال بمعدل طفل لكل منهم سيخرج للمجتمع فاقد الهوية، ويعيش ضائعاً في خضمه، خجلاً من واقعه، قلقاً على حياته، متشككاً في ماهية مستقبله، فاقد الثقة في كل من حوله، ناقماً على مَن وضعته، وحتماً سيؤثر ذلك بالسلب في تكون شخصيته، وقد ينعدم توافقه مع الذات والآخرين، وقد يدفع به هذا السلوك إلى مناهضة المجتمع.
ولن أستطرد أكثر من ذلك في تحليل الحالة الواقعة، ولكن أود الإشارة إلى ما ذكرته الحارسة ونشرته إحدى الصحف، ونتساءل: ماذا أفاد المجتمع نشر مثل هذا الخبر وفي صحيفة واسعة الانتشار وضخمة التوزيع في الداخل والخارج؟! أما والحالة هذه فقد يثير النشر نقداً واسعاً لسياساتنا التربوية، ولنظامنا السياسي، ولاتجاهاتنا الاجتماعية وقيمنا، وقد يقال: إنها ظاهرة اجتماعية خلفها التغير الاجتماعي السريع وما واكبه من حراك اجتماعي نال كافة الفئات وفي اتجاهات مختلفة.
ولكن من موقع المسؤولية الوظيفية الاجتماعية كما نوَّهنا من قبل فإنها أبداً ليست بظاهرة عامة، ولكنه سلوك فردي في واقع متغير أظن أنه محسوب ومخطط لمقابلته وكيفية التعامل معه من قبل كوادر اجتماعية نفسية ذات خبرة تخصصية عالية.
مرة أخرى، ما الهدف من نشر تلك الحالات وهي مدعاة للتمثيل والامتصاص كما يقول الاجتماعيون، وبخاصة من قبل الموتورين ضعاف النفوس، والمضغوطين اجتماعياً ونفسياً، والمضطربين خلقياً وعاطفياً؟!
إذن فلماذا تنشر هذه الوقائع التي تثير حافظة الشباب؟!
وقد يقول قائل: إننا ننشر الفضائل للتحلي بها، وننشر الرذائل لتجنبها. ونقول لهم: نعم، إذا صاحب هذا تحليل علمي موضوعي، وكفانا من برامج الفضائيات التي تنخر في كياننا القيمي وتصدع نسقنا الثقافي والأخلاقي.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved