السياسة الأمريكية.. إلى أين تتجه؟

مَن يتابع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط ربما يتساءل عمّا قدمته هذه السياسة لصالح أمريكا وشعبها، خاصة أن جانباً كبيراً من الشعب الأمريكي قد ضاق ذرعاً بالاحتلال الأمريكي للعراق، وهاله عدد الجنود الأمريكان الذين قتلوا هناك وتجاوز عددهم ألفين وخمسمائة.
هذا التساؤل وجّهه بطريقة أخرى صحفي للرئيس الأمريكي جورج بوش لدى عقده مؤتمراً مشتركاً مع توني بلير رئيس وزراء بريطانيا حول الأزمة اللبنانية، فسأل الصحفي الرئيس الأمريكي: ما النتائج التي حققتها إدارتك في الشرق الأوسط، تلك المنطقة التي ألزمت نفسك بها، فمن الواضح أن إدارتك غير قادرة على فرض الأمن في العراق، وليست قادرة على وقف إطلاق النار في الأزمة اللبنانية لو أرادت ذلك، كما أن سياسة إدراتك تجاه سوريا وإيران ليست واضحة تماما، ويبدو أن أمريكا بدأت تفقد نفوذها في هذه المنطقة؟
والصحفي شعر بأن أمريكا أقوى دولة في العالم غير قادرة على فرض كلمتها في المنطقة، ولا تستطيع أن تنفذ سياساتها فيها، لا عن طريق الدبلوماسية ولا عن طريق الحرب.
وإجابة الرئيس الأمريكي عن سؤال الصحفي بدت كإجاباته المعتادة عن محاربة الإرهاب والإرهابيين، وربط كل شيء بهذه الظاهرة، دون أن يشعر الشعب الأمريكي بمزيد من الأمن، وها هي مدينة سياتل تتعرض لجريمة إطلاق نار وقتل وإصابة أمريكان بسبب الوضع في الشرق الأوسط.
ويبدو أن سياسة إدارة بوش في المنطقة ستصبح مادة دسمة في الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة؛ فالمرشح الجمهوريّ المحتمل للرئاسة الأمريكية 2008 تشاك هاجل - على سبيل المثال - يقول إن الولايات المتحدة لها علاقات خاصة مع إسرائيل (لكن لا يمكن أن تكون على حساب علاقاتنا مع العرب والمسلمين).
وهذا السناتور على الرغم من أنه ينتمي إلى نفس الحزب الذي ينتمي إليه بوش، فإنه يقصد أن سياسة بوش افتقرت إلى التوازن في المنطقة، وانحازت بشكل مفرط إلى الطرف الإسرائيلي، وخاصة في الأزمة اللبنانية. ويخشى هاجل أن يتقلص عدد أصدقاء أمريكا في المنطقة وفي العالم بسبب سياسات لا ترى العالم إلا بعين واحدة.
وعلى الرغم من أن الإدارات الأمريكية السابقة لم تتوان في دعم إسرائيل وخاصة إبان حروبها ضد العرب، فإنه يبدو أن الإدارة الحالية تفوقت على سابقاتها في هذا الدعم.
والمشكلة أن هذه السياسة قد تغذي ظاهرة الإرهاب العالمية، بدلاً من أن تقضي عليها أو حتى تقلص من خطرها، ويصبح العالم في وضع أخطر مما كان عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م.