الترتيب الزماني، وترتيب القيمة والمكانة من حيث الديانة يعدل العنوان ليكون (فلسطين ولبنان)، ولكن الأحداث الطاحنة الساخنة الصاخبة التي تجري في لبنان بكل ما فيها من مفاجآت ومخالفات، واختراقات جعلت لبنان تتقدم هنا في العنوان، وكذلك فعلت جميع وسائل الإعلام بلا استثناء، حيث تقدمت فيها لبنان على فلسطين، وبيروت على غزة، لأن من شأن الإعلام أن ينقل الأحداث الساخنة نقلاً سريعاً وهل هنالك أحداث ساخنة في هذه الأيام تفوق سخونة الأحداث في لبنان؟
بعيداً عن كل الآراء المتضاربة التي تطرح، وعن كل الاتجاهات التي تظهر نقول: هذه كارثة إنسانية على مستوى العالم كله، شرقه وغربه، مسلمه وكافره، غنيه وفقيره، كارثة تتمثل في أخلاق الإنسان في عصر العلم المادي المتقدم، وعصر الذرة والفضاء، وعصر الأجيال الثالثة والرابعة من الآلات الالكترونية المختلفة، أخلاق الإنسان الذي يلجأ إلى (مزين) ليزين مظهره حلاقة ولباساً قبل أن يقف أمام الأضواء، أخلاق الإنسان الذي ينمق كلماته أمام لاقطات التصوير، ويعتني بطريقة وقوفه وحركته، وينفذ أوامر المخرج في أنواع الابتسامات الصفراء والسوداء، والبنفسجية وما فوقها وما دونها، أخلاق الإنسان الذي يقول وهو في غيبوبة ظلمه وعدوانه وكبريائه وغروره:
إن الظالم الغاشم القاتل السفاح المغتصب للأرض والعرض مسكين يدافع عن نفسه ويأخذ حقه، أخلاق الإنسان الذي يصرخ بأعلى صوته في مؤتمرات دولية كبرى قائلاً: نعم للقتل والهدم والتدمير، نعم لهدم المنازل على سكانها الأبرياء ولهدم أماكن خدمات الناس، وقطع الماء والكهرباء، ونسف سيارات الإغاثة والإسعاف وشاحنات الغذاء والدواء، ونسف الطرقات والجسور، وتشريد الأسر بكاملها، أخلاق الإنسان الذي يستخدم سلطته لتحطيم القوانين والأعراف الدولية، ولتسويغ سرقة اللص وجريمة المجرم، وكذب الكذاب وخبث الخبيث، ولؤم اللئيم.
في لبنان وفلسطين، وقبلهما في أفغانستان وكشمير والبوسنة والهرسك والشيشان وطاجكستان وإندونيسيا، سقطت مدنية اليورو والدولار، ومراكز القرصنة والمسارح الماجنة وأماكن السينما الخليعة والقمار، سقطت مدنية القبعات الملونة، وربطات العنق المزخرفة، مدنية الآلة المتطورة، والإنسان المتخلف (بظلمه وعدوانه وفسقه وفجوره).
سقطت مدنية الديمقراطية الزائفة، والأفكار المنحرفة، والمؤامرات المكشوفة، مدنية (التجار) المتلبسين بلباس الرؤساء والوزراء والمسؤولين السياسيين.
في لبنان وفلسطين انكشفت حقائق المؤتمرات التي خدعت الناس زمناً، فأصبحت الآن عارية تماماً أمام قتل النساء والأطفال والشيوخ هذا القتل الشنيع الذي لم يجد من الدول المتحضرة إلى الآن كلمة قوية رادعة يمكن أن تعطي الإنسان المظلوم أملاً في قانون دولي عادل ينقذه.
هنا أصبحت المسؤولية مسؤولية المظلوم، أن يعتمد على ربه ويتوجه إليه أولاً ثم على عزيمته وهمته وقوة إرادته للخروج من خندق الظلم، هنا وجب علينا التكاتف والتعاون والإصرار على مساعدة ودعم المظلومين في لبنان وفلسطين دعماً مادياً ومعنوياً، (فما دون العنق إلا قبضته اليدين).
إشارة
سيجيء نصرك حين ترفع أمتي علم الجهاد وراية الأنصار |
|