دور المواطن في تحقيق الأمن والتصدي للفئة الضالة الدوافع والبواعث 6-15
الباعث (الدافع) الديني
أ.د. عثمان بن صالح العامر

القول على الله بغير علم، والجرأة على الأحكام العظيمة التي تستباح بها الدماء وتنتهك الحرمات الزمانية والمكانية، والتكفير، وحمل السلاح، وزعزعة الأمن والتفجير والانتحار والظلم والعدوان والغدر والإفساد في الأرض وقتل الصبيان والنساء والشيوخ كبار السن، والاعتداء على الآخرين وتدمير ممتلكاتهم والاستهانة بمبدأ طاعة ولي الأمر الذي لا تجد مؤلفا في أصول عقيدة أهل السنة والجماعة إلا عده أصلا من أصولهم، بل لقد عد الإمام محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - الفرقة وعدم الطاعة من مسائل الجاهلية والاستخفاف بأهل العلم وتجهيلهم واتهامهم بالجبن والخوف عن قول الحق.. كل ذلك وغيره كثير يعد في شريعة الإسلام من أعظم المنكرات، وكلنا يعلم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل نقدي إما للتصور النظري أو للممارسة العملية التي يقوم بها الإنسان في المجتمع الإسلامي حاكما كان أو محكوما، وهو حق عام بذلته الشريعة للجميع بل أوجبته على الكل {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ}(71) سورة التوبة، ولكنه - إنكار المنكر - كأي عمل لابد فيه من شيئين أساسيين هما: (النية والحركة) فالنية هي المعيار الذي يقوم ويحكم به عمل المرء في ميزان الإسلام، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..) رواه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، الحديث الأول، ورواه مسلم في صحيحه، الحديث 1907، كما رواه أصحاب السنن أيضا. أما الحركة فيمكن تقسيمها هنا إلى ثلاثة مستويات، بناء على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان، باب 20، بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، رقم الحديث 78، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل) رواه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان، باب 20، بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان، رقم الحديث 80، وهذا يعني أن أقل الإيمان في حق هذه الفئة الضالة ومن منطلق ديني صرف الحركة القلبية التي تستلزم الرفض التام لوجود هذا المنكر وعدم الرضا على من ثبت تبنيه لشيء مما ذكر من منكرات التصقت بهذه الفئة، أما المستوى الثاني فالإنكار يتم في الأساس من خلال الكلمة سواء أكانت مقروءة أو مسموعة، ومستوى الحركة اليدوية باستخدام القوة هو المستوى الثالث من مستويات الإنكار الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذهب جمع من العلماء أن الإنكار بالقوة منوط بإذن الحاكم، ومقتصر فقط على القدر اللازم للتغيير شريطة ألا يترتب على التغيير منكر أعظم أو أن يكون الإنكار باليد سببا لأن تحل الفوضى في المجتمع.