* عين الحلوة - من علاء شاهين - رويترز:
تحوَّل الفلسطينيون في هذا المخيم البائس من لاجئين مضطهدين إلى مضيفين كرماء حيث وفروا ملاذاً لعائلات لبنانية تفر من القصف الإسرائيلي. وبينما تعاني مدينة صيدا الجنوبية تحت وطأة تدفق آلاف الفارين من القرى الحدودية المدمرة وجدت عشرات العائلات اللبنانية بيوتاً مؤقتة على مقربة من أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان.
قال إبراهيم المقداح وهو مقاتل بالجيش الشعبي وهو واحد من فصائل فلسطينية عديدة تتجول بحرية في الأزقة المزدحمة في المخيم هذه أول مرة: اللاجئون الفلسطينيون يستقبلون مهجرين لبنانيين. وتابع المقداح وهو رجل طويل يبلغ من العمر 42 عاماً وله لحية تميل إلى الشيب ويرتدي زياً عسكرياً أخضر كلامه قائلاً: (لكنهم سيستمتعون بالإقامة هنا أكثر من أي مكان آخر.. نحن شعب من اللاجئين ونعرف كيف نهون عليهم). والمقداح مثله مثل كثيرين من بين 400 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين في لبنان ولد في مخيم للاجئين بعد أن فقدت عائلته بيتهم في أعقاب قيام إسرائيل في عام 1948.
وخاض الحرب من خلال حركة فتح التي تزعمها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات خلال الحرب الأهلية اللبنانية في الفترة بين 1975 و1990 وضد القوات الإسرائيلية التي قامت بغزو لبنان في عام 1982 لطرد المقاتلين الفلسطينيين. وألقى كثيرون اللوم على الفلسطينيين في لبنان في إشعال الحرب الأهلية والتسبب في الغزو الإسرائيلي.
وتعرضت المخيمات التي يسكنها لاجئون غالبيتهم العظمى من المسلمين السنة لهجوم مقاتلين من كل من المسيحيين والشيعة أثناء الحرب. ولم يجلب انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990 كثيرا من الراحة حيث استمرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة في فرض قيود على توظيف الفلسطينيين وحقهم في التملك خشية أن يستوطنوا بشكل دائم ويقلبوا التوازن الطائفي الدقيق في لبنان رأساً على عقب.
وفي علامة على الإهمال المستمر تتراكم أكوام القمامة في حارات كريهة الرائحة وتطفح مجاري الصرف الصحي في شوارع مخيم عين الحلوة.. لكن عمال المعونة يقولون إن الحرمان لم يؤثر على كرم اللاجئين الذين كانت تبرعاتهم كثيرة إلى حد إرسال كميات كبيرة من المعونات الفائضة إلى مراكز أخرى تستضيف مهجرين لبنانيين.وقال عاطف موسى أحد المتطوعين: (الناس كانت تتبرع بالملابس والطعام والبطاطين والأغطية).. ومضى يقول: (طلبنا منهم عبر مكبرات الصوت في المساجد أن يتوقفوا فهم أيضاً محتاجون).
ويقيم اللاجئون اللبنانيون في ثلاث مدارس تديرها الأمم المتحدة في المخيم وينامون في الفصول لكن جرى تزويدهم بأجهزة تلفزيون وغسالات كهربائية وكهرباء على مدار اليوم وهو ترف لا يتمتع به آخرون في مراكز أخرى للمهجرين. وتعاظم الأمل والتفاؤل في المخيم منذ أن أسر حزب الله جنديين إسرائيليين في هجوم عبر الحدود في 12 من يوليو - تموز الذي أدى إلى هجوم إسرائيلي قتل خلاله 433 شخصاً على الأقل وإلى تشريد حوالي 750 ألفاً.. وقتل 51 إسرائيليا على الأقل.
وقال المقداح إنه يأمل أن يكون هناك مردود ما من حزب الله إذا تمكنت الجماعة اللبنانية من أن تنجو من الهجوم الإسرائيلي وخرجت أقوى.
وقال مشيراً إلى الضغوط الداخلية والدولية المتزايدة على حزب الله والفصائل الفلسطينية في لبنان كي تلقي أسلحتها: (لن يتم نزع سلاح حزب الله القوي وسنحتفظ نحن أيضا بأسلحتنا).
|