رقص الاقحوانه
(الجزيرة) ليست (عدونا)
محمد يحيى القحطاني

ليسمح لي الزميل صالح الشيحي الكاتب في صحيفة الوطن بأن أخالف وصفه لقناة الجزيرة (القطرية) بالعدوّ الذي يجب أن تحترمه، بعد أن ساق مجموعة من الأدلة التي حاول أن يبرهن بها على كلامه، وبخاصة فيما يتعلق بالجانب (السعودي) الذي تحاول القناة بل تستميت من أجل وضعه تحت المجهر بما يتناسب مع (أجندتها) التي أشك كثيراً في أن تكون أجندة إعلامية (صرفة)، بل إنني على يقين بأن هذه الاستراتيجية تأتي وفق نسقٍ آخر كان الإعلام (إحدى) ترساناته وأدواته، وأخالف الزميل صالح الشيحي في أن نطلق على (الجزيرة) مصطلح العدو؛ فهي ليست عدواً نناصبه (القتال)، حتى وإن أعلنت للملأ (ضمناً) أنها متربصة بالصوت السعودي في حلّه وترحاله، وتجييش مجموعة من (الآخرين) للتعليق عليها (سلباً).
ومهنياً.. لم تعد قناة الجزيرة ذلك الصوت الذي يجذب المتلقي للبحث عن (الحقيقة)، خصوصاً أنها تمارس على العرب كافة دوراً أشبه ما يكون بنساء في مأتم مع التحدث بصوتٍ عالٍ يبعدها كثيراً عن الحياد.. نعم كنا حتى فترة قريبة نتابع (الجزيرة)، وبتجاوز - مرغمين - ما تحاول (فعله) بنا، ولكننا للأمانة وجدنا في البديل ما يزودنا بالمعلومة وأبعادها بعيداً عن (اللطم) دون حاجة منا إلى (التململ)، والبراهين هنا كثيرة لا داعي لسردها، وما عليكم سوى تحريك الريموت أعلى وأسفل لتجدوا ضالتكم فيما أقول.
شيء آخر أخالف فيه الزميل صالح الشيحي الذي قال إن الإعلام وصف (الجزيرة) بالخنزيرة أو الحقيرة؛ فحقيقة لم أقرأ (خبراً) واحداً ذكر ذلك أو حتى مقالاً لأحد، وربما كان الشيحي يقصد بذلك مواقع الإنترنت أو مجالس العامة، فأدخلها ضمن منظومة (الإعلام)، ولا أوافقه الرأي؛ لأن كلمة كهذه يجب أن لا (تنزلق) بها ألسنتنا، بل إن من الأفضل أن نجعل الحكمة استراتيجية تتماشى كثيراً مع سياسة المؤسسة السياسية هنا؛ فهي السبيل الوحيد والأفضل لتجاوز إسقاطات الآخرين وتصريحاتهم، والعمل على نفي ما يُروَّج له بتجاهل بعض من المصطلحات التي من شأنها أن (تسقط) دون دراية في صالح (الجزيرة) التي هي الآن في مرحلة من التوتر الذي يسود (أروقتها)، بل إنني أعتبر هذه المرحلة (أخطر) مراحلها نحو تحييد كامل لها، وبخاصة أنها القناة التي ألَّبت عليها (الشعوب) والحكومات.
وإذا تحدثنا عن تغطيتها الحالية للحرب على لبنان فإنني أعتقد أن قنوات عدة تفوقت كثيراً عليها، بخاصة فيما يتعلق بسرعة نقل الخبر أو حتى تحليله الذي تحاول جاهدة أن تجعله في صالح (الحزب)، ولعلَّ الزميل صالح الشيحي يوافقني (الرأي) في أنها بذلك (تحيد) عن (الحياد) كثيراً، وتمارس جزءاً من (أجندتها) على المواطن العربي (الذي لم يعد - كما هي تعتقد - مواطناً ساذجاً يصدق كل شيء).
أختم وأقول إن ما جعلني أبدأ بذكر أن (الجزيرة) ليست عدوة لنا، وأنه لا يمكن أن نجعلها كذلك، حتى وإن اختلفنا (بالكلية) معها، هو أنني أتمنَّى أن (نوفر) هذا المصطلح لمَن (يستحقه).