عجيبٌ أمر هذه الدنيا.. وعجيبٌ أمر من يحيا فيها.. تجد فيها صوراً من صور الصفاء والنقاء.. وصوراً مناقضة فيها البؤس والشقاء.. ليس هذا تشاؤماً ولكنه إحساس.. ما إن تجلس متكئاً إلى أحدهم وتبدأ معه بحديث عابرٍ لا تدري (لِمَ) إلاَّ ويبدأ لك في سرد حكاية.. حكاية تبدو للوهلة الأولى أنها مؤلمة..تظهر مأساتها في تعابير وجهه.. ودلالات كلماته.. الكل يأتي في ذهنه أنه أحق الناس بالشكوى.. والمطلوب ممَن حوله فقط أن يسمعوا..عليه أن يمرض وعلى مَن حوله أن يبحثوا له عن دواء.. عليه أن يبكي ومهمة مَن حوله أن يمسحوا دمعته.. أو يتجرّعوها إن أستطاعوا إلى ذلك سبيلا.. قد يبدو أن هذا نوع من الأنانية وحب الذات ولكن قد قيل: (من يده في النار ليس كمن يده في التراب). نعم: من حقه أن يبث معاناته.. يسطِّرها.. ويعبِّر عنها..
ولكن: عليه أن يعلم بأن هناك من يقاسي أشد منه.. ويصارع مَن أقوى منه..
إن كان قد فقد عزيزاً غالياً فهناك من فقد أعزةً كثراً؟ وإن كان قد جُرح من صديق فهناك من جُرح من أقرب قريب..
وإن كان قد أصيب بمرض فهناك من هو مصاب بأمراض.. وهكذا فليعلم بأن هذه الدنيا لا تصفو لأحد.. ولو صفت.. لصفت لخير من وطئت أقدامهم الثرى.. عليهم صلوات الله وسلامه.
أخيراً:
لتكن آلامنا وآمالنا.. وأحزاننا وأفراحنا.. شمعة تضيء لنا الطريق.. لترسم لنا لوحة التفاؤل والأمل بأننا: أحسن حالاً من غيرنا.
|