* تحقيق - جدة - خميس السعدي :
كشفت وزارة الزراعة السعودية عام 2000م عن كميات المبيدات المستخدمة، مشيرة إلى أن ما تم استيراده من المبيدات بلغ 1496 ألف لتر، تمثل البودرة منها 31% وتمثل المواد السائلة النسبة المتبقية وتشكل المبيدات الفطرية 21% مقسمة على 183 ألف لتر و176 طناً من البودرة من إجمالي المواد المستوردة، بينما تشكل المبيدات الحشرية نحو 45.5% منها 486 ألف لتر سائل وحوالي 194 من البودرة، أما المبيدات العشبية فتمثل نحو 33.5% منها 399 ألف لتر سائل و 103 أطنان بودر، وذلك نتيجة لتوسع الرقعة الزراعية الذي شهدته المملكة خلال السنوات الأخيرة.
أرقام مفزعة
المتر المربع الواحد من المسطحات الخضراء ينتج (10 -15) بعوضة 12.000.000متر مربع لكل مسطح أخضر
10 بعوضة =120.000.000 بعوضة أسبوعياً على الأقل
20 أسبوع = 2.400.000.000 بعوض في كل موسم.
حمامات السباحة فكل 1 سنتيمتر مربع يحتوي على 5 -6 يرقات ويعطي (3) بعوضة على الأقل أسبوعياً.
فإذا كانت مساحة الحمام 8*12=960.000سنتيمتر مربع.
960.000*5= 04.800.00بعوضة أسبوعياً
20 =960.000.000 بعوض لكل حمام واحد.
المشكلة
مشكلة بعض المزارعين السعوديين عند استعمالهم للمبيدات الكيمائية لا يتقيدون بالتعليمات الواردة على كل عبوة التي تكون غالباً على شكل (ملصق) مما يؤدي هذا الاستخدام غير المقنن إلى تكوين مناعة لدى (الآفة) ضد المبيد الحشري، وهنا يضطر المزارع إلى زيادة نسبة الرش والاستخدام باستمرار مخالفاً لما ورد في بطاقة المعلومات (الملصق) وينتج عن ذلك التأخير في عملية تلاشي المبيد من المحصولات الزراعية، وعند تسويق هذا المحصول الزراعي يكون مشبعاً ببقايا المبيدات التي تضر بصحة الإنسان، وإن هذه المواد الكيميائية تسبب أمراضا عند تناولها وذلك حين يقوم المزارعون برش المبيد وتسويقه في اليوم التالي مع عدم التزامهم بفترة التحريم.
وإن ما صرف على هذه المبيدات السامة من مبالغ طائلة قدرت بـ 90 مليون ريال سنوياً لشراء أنواع من هذه المبيدات الحشرية والفطرية وغيرها لغرض استخدامها زراعياً، في الوقت الذي يمكن تخفيض تلك المبالغ في حالة الاستعمال الأمثل خاصة فيما يتعلق في العمالة غير المتخصصة في أعمال الزراعة ورشهم للمبيد بطريقة عشوائية تزيد من نسب الاستهلاك والشراء لهذه المبيدات بكميات كبيرة.
أسباب حمى الضنك بجدة
كانت حمى الضنك مركزة في جنوب جدة حتى العشرة أشهر الأخيرة حيث بدأت في الانتشار إلى شمال جدة وبالتالي زادت نسب الإصابة في جدة إجمالا خلال هذه الفترة بحمى الضنك.
ومن أهم الأسباب المتوقعة لهذا الانتشار بهذه السرعة العالية هو وجود المحفزات مثل: عدم فعالية المبيدات في ظل زيادة رقعة الزراعة الخضراء (المسطحات الخضراء) في جدة حيث يوجد حوالي 12 مليون متر مربع مسطحات خضراء ومساحات أخرى مزروعة بالأشجار وزيادة الري ليل نهار برش حوالي 20000 ألف - 30000 ألف متر مكعب يومياً لري هذه المسطحات ووجود خزانات أنشأتها الأمانة في هذه الحدائق تبقى فيها المياه لمدة 3-5 أيام أسبوعيا لري هذه المسطحات وكذلك سيارات شفط المجاري وهي أهم الوسائل لنقل البعوض عن طريق نقل (البيض واليرقات) من مكان إلى آخر عبر المواسير الموجودة بها و من خلال سيارات القمامة ويتم كذلك انتقال البعوض عن طريق الأنعام المستوردة من الخارج ولكثرة فتحات الخزانات في المباني وتسرب المياه وأيضا البحيرات المنتشرة في أنحاء جدة وعن طريق الغربان التي تجاوز عددها 600000 ألف غراب.
التوصيات
* إيقاف الري بالرش أو الغمر في المسطحات واستخدام الري تحت التربة.
* إيقاف استخدام خزانات الأمانة في الحدائق أو وضع كمية من الزيت عليها لتقليل اليرقات والبويضات.
* استخدام حمامات بدون مجاري لتجفيف الفضلات إلى بودرة..
* إجراء اختبارات على المبيدات الموجود لمعرفة مطابقة المادة الفعالة حسب الأصول العالمية شهرياً ومعاقبة التجار.
* رش سيارات نقل مياه الصرف الصحي وسيارات القمامة بالمبيدات الفعالة.
* الجهد التطوعي من قبل شباب الأحياء مع العمد وعلى رجال الأعمال المساهمة من أجل الوطن في مكافحة الضنك.
* إيقاف نابشات القمامة واستخدام حاويات ذات أغطية.
خصوبة الرجال في خطر
كشف الباحث السعودي المهندس الزراعي محمد حبيب بخاري أن المساحة المزروعة في المملكة العربية السعودية بلغت 1.12 مليون هكتار في الوقت الذي يستخدم فيه نحو 280 ألف لتر من المبيدات سنوياً، مما أدى إلى استخدام المبيدات الحشرية بشكل عشوائي وبدون رقابة أدى إلى انتشار الأمراض ومنها حمى الضنك وضعف الخصوبة لدى الرجال وانتشار داء السرطان بين البشرية بمختلف أنواعه.
مستشهداً بما ذكره أستاذ علم الوظائف في جامعة كاليفورنيا الدكتور مايكل فرانك بأن هناك أنواعاً من المبيدات لها خصائص كيميائية مماثلة للهرمونات مثل ال(دي دي تي) والكيبون وميسوكس كلور والفيوريند واللندين والبايرسرويد وبعض المعادن الثقيلة مثل الرصاص والكادميوم وكلها تستخدم في العالم الثالث بلا حساب وبلا رقيب لدرجة أنهم في الولايات المتحدة رغم حذرهم لاستخدامها فإنهم خائفون منها لأنها تصل إليهم عن طريق الطيور المهاجرة أو تحمل عن طريق عوامل الجو المختلفة وهذه المبيدات لها تأثير هرموني على الجسم قد تؤدي إلى خلل في الصفات الوراثية الذكرية والأنثوية مما يزيد نسبة الجنس الثالث والعقم.
مستشهداً كذلك بما أثاره الباحث الدنماركي من جامعة كوبنهاغن الدكتور كيبك حول استخدام تلك الملوثات والمبيدات الحشرية خلال الأربعين عاماً الماضية أدت إلى نقصان الخصوبة لدى الرجال بنسبة47% مؤدياً كذلك إلى زيادة في التشوهات الخلقية وأمراض السرطان نتيجة لتلوث البيئة إما من خلال ترسب تلك المواد في الفواكه والخضراوات أو عبر الهواء والنباتات والماء والأرض.
وقال بخاري: إن تزايد خطورة استخدام المبيدات الحشرية الزراعية على صحة الإنسان أتى بسبب التوسع الزراعي الذي شهدته المملكة مما أدى إلى زيادة في استخدام المبيدات الزراعية بدون حرص وإشراف مقابلة لكثرة الأمراض النباتية والحشرية التي بدأت تظهر مع هذا التوسع الزراعي.
كسب السوق وغياب الرقابة
إن أغلب هذه الأمراض والحشرات دخلت إلى المملكة مع البذور أو داخل الفاكهة المستوردة والشتلات التي كانت تدخل إلى المملكة في غفلة من أعين الحجر الزراعي مثل السوسة الحمراء المعروفة ب(ايدز النخيل) التي فتكت بالكثير من أشجار النخيل في بعض مناطق المملكة وسببت خسائر تقدر بملايين الريالات وهي مازالت موجودة، ولكن مع هذه الزيادة الملحوظة في الأمراض الزراعية والحشرات ازداد الطلب على المبيدات الزراعية التي كان الهدف منها هو القضاء على الحشرات والأمراض النباتية لحماية الإنتاج، ومن هنا بدأت المنافسة بين الشركات المصنعة والموردين والتجار فالكل يرغب في كسب السوق دون تفكير في عواقب سوء استخدام هذه المبيدات، وأصبحت بعد ذلك تباع بأنواعها المختلفة ودرجات خطورتها المتنوعة في المحلات التجارية دون رقابة ودون وعي والمهم في الأمر هو تحقيق الربح المادي.
علماً بأن هذه المبيدات هي سموم خطيرة جداً ويمكن أن تكون سلاحاً فتاك جداً كالأسلحة الجرثومية أو أشد فتك، مع ملاحظة أن الأدوية ذات السمية العالية لا تباع إلا بوصفة طبية ومراقبة مشددة من وزارة الصحة، ولكن بالمقارنة فإن المبيدات تباع بدون رقيب وهي موجودة على أرفف (الدكاكين) وتصرف وتباع بدون (وصفة) من وزارة الزراعة وهذا خطأ كبير فهي على الأرفف حالها حال المواد الأخرى، وأن من يقوم بالإشراف على استخدامها وبيعها لا يفقهون شيئاً عن خطورتها وطرق استخدامها ولا طرق تخزينها ومدة صلاحيتها.
مصيبة التسمم
وإن هذه المبيدات لها أخطار فادحة على الإنسان والحيوان وهي ذات سمية عالية وتتنوع الإصابة بالتسمم منها إما أن يكون فوريا وهذا ما يعرف بالتسمم الحاد أو تسمم مزمن ويكون تأثيره بطيء ولا يظهر أثره إلا بعد مرور مدة من الزمن مع زيادة عدد الجرعات الخفيفة، وهذه هي المصيبة الكبرى التي تهدد صحة الإنسان.
مشيراً بقوله: إنه بحكم اختصاصي في هذا المجال فإن هذه المبيدات سموم خطيرة جداً يمكن أن تحدث كارثة نظراً لأنها تستعمل بدون أي خبرة أو خبير وتخزن بطرق غير آمنة ومعرضة للحرارة العالية وأشعة الشمس وبسوء التخزين قد يتغير التركيب الكيميائي لها بحيث تزيد من سميتها للبشر والحيوانات، فليس الصورة واحدة بل تعددت نظراً لعدم وجود تعليمات ونظام مراقبة ومن الواجب أن تقوم وزارة الزراعة بمراجعة الكميات للتعرف على أوجه الاستخدام.
الأطفال.. ضحية
وأكد بخاري أن الدراسات أثبتت أنه بعد إجراء عملية تنظيف كاملة لعينات من الفاكهة والخضروات تبين أن 80% من الخوخ والتفاح والكرفس تحتوي على بقايا مبيدات حشرية كذلك وجدت مجموعة E.W.S. المتخصصة في مشاكل المبيدات الحشرية في واشنطن أن 250 ألف طفل أمريكي تزيد الجرعات التي تناولوها من المبيدات الحشرية أكثر من النسبة المسموح بها بعشرة أضعاف، وهذه الجرعات تسبب أمراضاً قصيرة المدى على الأطفال مثل (غثيان - القيء - الصداع) مع احتمال الإصابة بأمراض على الأمد الطويل ك(السرطان).
وفي دراسة أخرى للمجموعة بالاستعانة ببرامج وزارة الزراعة الخاص بالمبيدات الحشرية شملت ستة آلاف عينة عشوائية من 12 نوعاً من المنتجات في الأسواق ومراكز التوزيع في ست ولايات أمريكية تم إجراء التجارب عليها ومن ثم أعدت للاستهلاك وبعد ذلك وجدت بقايا المبيدات الحشرية بها ومنها مبيدات تسبب السرطان وأخرى تؤدي إلى حدوث اختلال في الهرمونات البشرية.
استخدام المواد الأقل ضرراً
ويضيف المهندس الكيميائي حسن الزهراني بقوله: إن جميع المبيدات المستخدمة مسجلة لدى هيئة المواصفات والمقاييس السعودية، ومع أن جميع المبيدات لها مخاطرها وأضرارها على الصحة والبيئة إلا أن ذوي الاختصاص في هذا المجال يحرصون على استخدام المواد الأقل ضرراً والأكثر أماناً وذات الفعالية في مكافحة بعوض الضنك (المسبب لحمى الضنك) في أطواره المختلفة، وإن هذه المبيدات لها نشرات علمية تحدد نسب الخلط والتركيز حسب ما يرد في النشرات المعتمدة من الشركات المصنعة لها وعلى هذا فإن استخدامها وفق هذه المعايير المحددة لا يؤدي بالتالي إلى مشاكل صحية.
مشيراً إلى أن أهل الاختصاص أوضحوا أن هذا النوع من البعوض الناقل لحمى الضنك هو من جنس (الايديس) وإنه يختار بيئته بعناية ولذا يسميه بعضهم (البعوض الملل) فهو يختار المياه النظيفة الراكدة، لذا فإن المياه الراكدة داخل المنازل وسط يفضله هذا النوع من البعوض، كما أن الإطارات المهجورة والمحتوية على كميات من المياه حتى وإن كانت ضئيلة تعتبر وسطاً لتوالد هذا النوع من البعوض وكذلك خزانات المياه تحت الإنشاء إضافة إلى خزانات المياه في المشاتل والمياه الراكدة في المسابح المغلقة تعتبر أماكن مفضلة لتوالده.
ويرى الزهراني أنه ليس هناك بديل طبيعي لهذه المبيدات بل من المفترض التخلص من أماكن توالد البعوض كالتجمعات المائية إضافة إلى التوعية المبنية على أسس علمية مدروسة تساهم في التغلب أو التخفيف من انتشار وتكاثر هذا النوع وغيره من أنواع البعوض، مع استخدام سلك صغير المسام على النوافذ واستخدام الناموسيات عند النوم وارتداء الملابس ذات الأكمام الطويلة وهي وسائل طبيعية ينصح باستخدامها لمن يمكن أن يتعرضوا للسع البعوض.
100 مليون إصابة سنوياً
كشف مدير الشؤون الصحية بجدة الدكتور عبد الرحمن خياط بقوله: مرض حمى الضنك في جدة منذ 100 سنة مضت وبدأت وزارة الصحة بالمملكة في تسجيل الحالات بداية من عام 1993 وإن حالات الإصابة بحمى الضنك في العالم تقدر بـ 50 مليون ? 100 مليون حالة إصابة سنوياً، وإن هناك لجنة علمية متخصصة مشتركة بين الأمانة ووزارة الصحة تقوم بدراسة جميع أنواع المبيدات عن مدى خطورة وأضرار المبيد وفوائده في مكافحة البعوض وحتى الآن لم تبلغ الصحة بأي أضرار، وأما عن سبب الزيادة في عدد المصابين مقارنة بالأعوام الماضية فهذا دلالة على وعي المواطنين بنوعية المرض و إدراك الأطباء للأعراض حيث قامت الوزارة بعقد العديد من الدورات لتعريف الأطباء بنوعية المرض وأعراضه مما ساهم في الكشف المبكر عن الحالات وتسجيلها وتبليغ الوزارة بها.
وأكد أن حملة من منزل إلى منزل غطت أكثر من 77 ألف منزل بجدة والتي تهدف إلى توعية سكان المنزل ببيئة البعوض والوسط الذي يعيش فيه بغرض القضاء عليه والمساهمة مع اللجان في التخلص من أمكان تواجده، وقد بلغ عدد الفرق المشاركة بالصحة 50 فرقة مكونة من كادر بشري يقدر بـ200 شخص.
نافياً أن يكون بعوض الضنك ناقلاً لمرض الايدز سوى أن بعض أنواع البعوض يقوم بنقل الحمى الصفراء.
وإن التنسيق مع الأمانة بمتابعة محافظ جدة مستمر وبشفافية تامة خلاف ما كان في بداية التنسيق من ضعف بسبب وجود بعض الثغرات.
موضحاً بأن هناك خبراء يناقشون البدائل البيولوجية (الحيوية) المحتمل استخدامها بديلاً عن المبيدات الكيمائية في حالة ثبات نجاحها وفاعليتها من الناحية الصحية والاقتصادية.
رقابة الصلاحية
قال مدير شؤون الأسواق في أمانة محافظة جدة ضياء العثماني: إن دور الرقابة في الأمانة على المحلات يقتصر على مراقبة المخزون وطريقة تخزينه وتاريخ الصلاحية أو سحب بعض العينات التي يتم إبلاغ الأمانة بها من قبل اللجان المختصة.
|