Thursday 27th July,200612355العددالخميس 2 ,رجب 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

الصيف وإهدار الوقت الصيف وإهدار الوقت
د. سهام العيسى

تعد إجازة نهاية الأسبوع واحة نستريح في ظلالها، ولكن الحقيقة المرة الكل منا يحتاج إلى إجازة ليسترخي ويسترد الطاقة المتسربة ابتداء من عصر يوم الأربعاء، نحن لا نجيد فن الاستمتاع بحلاوة الاسترخاء والهدوء والسكون أثناء تلك الإجازة إنما متعتنا تكمن في الدوران والجري الذي ليس له حدود والذي يستمر حتى مساء يوم الجمعة، ولكن العمل يمارس سلطته القوية ليعيد توازننا ويشحننا بالطاقة التي نبدأ باستنفادها بدءا من آخر ايام الأسبوع مع أن الحقيقة أن الإجازة يجب أن تكون هي المحطة التي تمتص عناء التعب والإرهاق الأسبوعي وليس العكس، هذا رأيي عن إجازة نهاية الأسبوع القصيرة ولكن ماذا عن إجازة نهاية العام؟
كل عام يتجدد الحديث في مجتمعا عن صيفنا وإجازته.. والكثيرون يربطون الاجازة بمعاملين اساسيين كأن معادلة الصيف لا تحل إلا بوجودهما وهما اللهو والكسل إن هذا الموسم يكون للأغلبية خاليا من العمل والقراءة أو طلب عمل أو علم أياً كان نوعه أو تعلم مهارات حياتية، ويبدأ منذ الأسبوع الأول تعلم مهارة يجيدها أبناؤنا وهي تحويل ساعاتهم البيولوجية، وينقلب الليل إلى النهار والعكس صحيح.
للأسف كل ما حولك يدفعك إلى تأصيل فكرة القضاء على الوقت، ومن الطبيعي أن تسير مع التيار.. في الصيف يجب ان تسد منافذ العقل ويجب تعطيل كافة منافذه الا بوابات اللهو والعبث، من المؤكد أن هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع ولكنها للأسف تشمل الأغلبية فتمارس طقوس قتل الوقت كأنها من أبجديات موسم الصيف.
إن إعادة هيكلة وبناء تفكيرنا بأهمية الإجازة الصيفية يجب ان تبنى على قاعدتين أساسيتين، الأولى أن هذا الوقت المهدر مهم لنا جميعا وأن كل يوم يغيب شمسه لن يتكرر مرة أخرى.. هذا الوقت مهم جداً لنا لاسترداد طاقتنا والتخفيف من سرعة لهاثنا في الحياة خلال أيام العمل وإعادة اكتشاف مجاهل أنفسنا فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) والثانية أن موسم الصيف هو موسم التحرر من المسؤوليات أو التخفف منها وبالتالي يمكن الاستفادة من هذا الوقت في تطوير وتنمية الذات.
إن عملية التغيير تحتاج إلى جهد كبير وليست إلى مقالات تكتب أو تنظير فلسفي واعتقد ان اكبر موجة لهذا التغيير هو الإعلام الذي له دور أساسي في إعادة البناء الفكري وخصوصا تلك الشاشات التي يتسمر أبناؤنا أمامها بالساعات ما بين هيفاء بالوادي والرابح الأكبر وغيرها من البرامج التي تعج بها الفضائيات.. ويبقى سؤالنا بعد انتهاء تلك البرامج: ماذا استفاد أبناؤنا منها؟ هذا السؤال الذي نوجهه لآبائنا وأن نكون قادرين على إدارة الدفة وتشجيعهم على الأقل على رؤية برنامج جاد واحد يومياً.
إن للإعلام دورا مهما في توجيه الأفراد ولكننا يجب الا نغفل دور الأسرة الأساسي في توجيه الأبناء والاهتمام بما يشغل وقت فراغهم، إن بناء الوعي لدى الأبناء بأهمية هذا الوقت المهدر وتشجيع الأبناء للاشتراك بالمراكز الصيفية أو دور تحفيظ القرآن الكريم أو مراكز تنمية الذات أو التدريب على رياضة معينة أو تعلم لغة جديدة أو أول خطوة نحو تغيير مفهومنا للإجازة الصيفية.. يجب أن تزرع الأسرة في أبنائها الرغبة في إضافة شيء جديد لشخصيته وفي نهاية كل إجازة يجب أن يكون السؤال ماذا استفدت؟ وماذا أضفت لشخصيتك؟ وهل استطعت أن تطور ذاتك؟ وما الذي ترغب في تغييره وإضافته مستقبلا؟ لا يهم الكم بل يجب أن نركز على الكيف، ولو كان هذا المنهج يمارس سنوياً فإنه على المدى البعيد سيعمق الإحساس بأهمية الإجازة وسيجد كل واحد منهم أن لديه هدفاً ولو كان بسيطاً يخطط له خلال العام لينجزه خلال الصيف وليجد متعة المزج ما بين حلاوة الانجاز والاسترخاء.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved