كنت غارقاً في دياجير الظلام.. وكان الليل حالك السواد.. وحولي سكون الأمن وبعض العواصف المتقطعة والمتلاحقة في فصل الشتاء.. وحرت كثيراً.. في ماذا عساي أن أسجل على صفحات الورق.. من المشاعر.. المتضاربة والمتلاطمة.. كالخضم الهائج في نفسي.. ورجعت الى اليراع أسائله في براء.. وهدوء وإلحاح.. ماذا عساك أن تسجل يا هذا..؟ واكتنف الحزن نفسي بردائه القاتم... وتناثرت أفكاري.. في كل زاوية تبحث عن ذلك الأمل الضائع.. وسرعان ما أضاءت شمعة من بصيص أمل لتحترق رويدا.. رويدا.. في تلك الدياجير المدلهمة.. لتنير لي عطفة قصيرة من دروب حياتي، ولكن وفجأة تلمع من بين حنايا تلك النفس الحائرة.. ومضة خاطفة سريعة لم أتبين كنهها من أول لحظة.. ولم تكن تلك الومضة أو الطيف.. عندما عدت إلى قرارة نفسي ودخيلة فؤادي إلا التساؤل في دعة عن المصدر والمنقذ.. فإذا بي أتبين أن هناك صورة في مخيلتي.. وفي سويداء قلبي تمدني بأطواق النجاة.. من شاطئ حياتي ودنياي الحزينة لتنقذ تلك النفس.. التي تتخبط في بحور الغرق وأمواج الابتلاع.. وأخذت تلك الصورة.. الصورة تكبر.. وتتجسد في خيالي وإذا بي أجد نشوة دبت إلى نفسي.. وما أنا فيه لأذهب لاحقاً مطارداً، وسبحت في بحور الأحلام.. وقوارب الأمان.. تاركاً خلفي الدنيا ومن عليها.. وفي صفاء الليل وهدوئه.. كانت نفسي وآمالي تلاحق هذا الطيف.. في القمر بصفائه وجماله وهدوئه ذلك القمر المنير الساطع في قبة الفلك يختال بين الثريات.. ويتباهى مرسلاً أشعته التي تحمل الأمل في خيوط جميلة.. والنسمة جذابة تتخلل القلوب والنفوس.. لترسم لي بوادر القرب وساعات اللقاء.. وأيام الفرح والسرور.. ويتراقص هذا الطيف أمامي.. وكأنه يداعبني في براءة.. فأسترسل.. في الغبطة والنشوة وتطول بي المناجاة.. فأنظر إلى النجوم في علاها.. والليل في هدوئه وسواده الجميل المقتم.. فأمنِّي نفسي وأرسم لها ذلك اليوم الخالد الذي أسعد فيه.. ويستمر هذا الحال بي ساعات طوالاً.. وروحي تطوقك بقيود الأمل.. خوفاً عليك من الضياع.. أفديك بالروح.. وكل ما ملكت يداي لأصونك.. وأنشر عليك الحماية والوقاية والطمأنينة من كل ما يدور حولك لأكون لك.. وتكونين لي.. لقد طال بي الوقوف ساهراً لراحتك.. والحصول عليك.. باذلاً لرضاك متحملاً لإسعادك.. فهل تجودين..؟
لقد جاء دورك وأنت رحيمة.. وانتهى دوري معك.. راسماً في خيالي وأحلامي يوم وصالك.. مهيئاً المستلزمات كلها التي تليق بمقامك لا.. داعياً الأهل والأصدقاء والخلان للقائك.. واضعاً نفسي تحت تصرفك منتظراً لحظة قربك.. ودقائق كرمك وجودك لأحظى بك بين يدي في سرور بالغ.. ودموع هادئة ينحدر لها الدمع طرباً.. ثم وما ثم.. أمشي الهوينى.. فأشاهد الزهور تتفتح والأغصان تعانق بعضها في لون من السعادة.. وجمال الطبيعة.. فأشارك الطير والبلبل في التغريد والشدو والانطلاق راسماً في خيالي أشكالاً وألواناً من طيفك الذي يلاحقني.. وكل ما حولي مشاركاً لي العواطف.. ومباركاً لي اليوم الموعود.. فأهتز طرباً وأعود إلى حقيقة نفسي وقرارة قلبي لأجدني أرتدي ملابسي في طريقي إلى (مدرستي) الحنونة الحبيبة.. في صباح يوم مشرق جديد ثم أعود إلى بنات أفكاري.. مستعرضاً ما مر بي..
كنت أتقلب على بقايا وطيف أحلام جميلة.. راودتني في سكون الليل.. منبعها شعوري.. وأملي الكبير في حصولي على سلاحي المجيد.. في مجال الدراسة.. ذلك الشعور الطيب.. أو الأحلام في الليالي الدافئة هو (شهادة التوجيهية) التي أسعى جاداً من أجل حبي لها.. وضمها بين يدي في.. غبطة.. وحبور..
|