Tuesday 18th July,200612346العددالثلاثاء 22 ,جمادى الثانية 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

الصيف وإهدار الوقت الصيف وإهدار الوقت
د. سهام العيسى

تعد إجازة نهاية الأسبوع واحة نستريح في ظلالها ولكن الحقيقة المرة أنَّ كل واحدٍ مِنَّا يحتاج إلى إجازة من تلك الإجازة ليسترخي ويسترد طاقته المتسربة ابتداءً من عصر يوم الأربعاء. فنحن لا نجيد فن الاستمتاع بحلاوة الاسترخاء والهدوء والسكون أثناء تلك الإجازة، إنما متعتنا تكمن في الدوران والجري الذي ليس له حدود، الذي يستمر حتى مساء يوم الجمعة، ولكن العمل يمارس سلطته القوية ليعيد توازننا ويشحننا بالطاقة التي نبدأ باستنفادها بدءاً من آخر أيام الأسبوع، مع أن الحقيقة أن الإجازة يجب أن تكون هي المحطة التي تمتص عناء التعب والإرهاق الأسبوعي وليس العكس، هذا رأيي عن إجازة نهاية الأسبوع القصيرة؛ ولكن ماذا عن إجازة نهاية العام؟؟.
كل عام يتجدد الحديث في مجتمعنا عن صيفنا وإجازته.. والكثيرون يربطون الإجازة بعاملينِ أساسينِ كأنَّ معادلة الصيف لا تحل إلا بوجودهما، وهما: اللهو والكسل، إن هذا الموسم يكون للأغلبية خالياً من العمل والقراءة أو طلب عمل أو علم أياً كان نوعه أو تعلم مهارات حياتية، ويبدأ منذ الأسبوع الأول تعلم مهارة يجيدها أبناؤنا وهي تحويل ساعاتهم البيولوجية وينقلب الليل إلى النهار والعكس صحيح؛ للأسف أنَّ كل ما حولك يدفعك إلى تأصيل فكرة القضاء على الوقت ومن الطبيعي أن تسير مع التيار.
في الصيف يجب أن تسد منافذ العقل ويجب تعطيل كافة منافذه إلا بوابات اللهو والعبث، من المؤكد أن هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع ولكنها للأسف تشمل الأغلبية التي تمارس طقوس قتل الوقت كأنها من أبجديات موسم الصيف. إن إعادة هيكلة وبناء تفكيرنا بأهمية الإجازة الصيفية يجب أن تُبنى على قاعدتين أساسيتين: الأولى أن هذا الوقت المُهدر مهم لنا جميعاً وأن كل يوم تغيب شمسه لن يتكرر مرة أخرى.. هذا الوقت مهم جداً لنا لاسترداد طاقتنا والتخفيف من سرعة لهاثنا في الحياة خلال أيام العمل وإعادة اكتشاف مجاهل أنفسنا، فرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)، والثانية أن موسم الصيف هو موسم التحرر من المسؤوليات أو التخفف منها وبالتالي يمكن الاستفادة من هذا الوقت في تطوير وتنمية الذات. إن عملية التغيير تحتاج إلى جهد كبير وليس إلى مقالات تُكتب أو تنظير فلسفي وأعتقد أن أكبر مُوجه لهذا التغيير هو الإعلام الذي له دور أساسي في إعادة البناء الفكري وخصوصاً تلك الشاشات التي يتسمر أبناؤنا أمامها بالساعات مابين هيفاء بالوادي والرابح الأكبر وغيرها من البرامج التي تعج بها الفضائيات.
ويبقى سؤالنا بعد انتهاء تلك البرامج: ماذا استفاد أبناؤنا منها؟.
هذا السؤال ينبغي أن نوجهه لأبنائنا و يجب أن نكون قادرين على إدارة الدفة وتشجيعهم على الأقل على رؤية برنامج جاد واحد يومياً.
إن للإعلام دوراً مهماً في توجيه الأفراد ولكننا يجب ألا نغفل دور الأسرة الأساسي في توجيه أبنائها والاهتمام بما يشغل وقت فراغهم. إن بناء الوعي لدى الأبناء بأهمية هذا الوقت المهدر وتشجيع الأبناء للاشتراك بالمراكز الصيفية أو دور تحفيظ القرآن أو مراكز تنمية الذات أو التدريب على رياضة معينة أو تعلم لغة جديدة هو أول خطوة نحو تغيير مفهومنا للإجازة الصيفية.
يجب أن تزرع الأسرة في أبنائها الرغبة في إضافة شيء جديد لشخصيتهم وفي نهاية كل إجازة يجب أن يكون السؤال لأي واحدٍ منهم: ماذا استفدت؟ وماذا أضفت لشخصيتك؟ وهل استطعت أن تطور ذاتك؟ وما الذي ترغب في تغييره وإضافته مستقبلاً؟.
لا يهم الكم بل يجب أن نركز على الكيف، ولو كان هذا المنهج يُمارس سنوياً، فإنه على المدى البعيد سيعمق الإحساس بأهمية الإجازة، وسيجد كل واحد منهم أنَّ لديه هدفاً ولو كان بسيطاً يخطط له خلال العام لينجزه خلال الصيف وليجد متعة المزج مابين حلاوة الإنجاز والاسترخاء.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved