Tuesday 11th July,200612339العددالثلاثاء 15 ,جمادى الثانية 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"القوى العاملة"

من المحرر من المحرر
قرار وزير الصحة حول التدخين!!
عمرو بن عبد العزيز الماضي

قرأت يوم الثلاثاء 8-6-1427هـ تصريحاً نُشر في الصفحة الأخيرة من هذه الجريدة للمشرف العام على الإعلام والتوعية الصحية والمتحدث الرسمي لوزارة الصحة د. خالد بن محمد مرغلاني، أوضح فيه أنّه صدرت موافقة معالي وزير الصحة د. حمد بن عبدالله المانع بإعطاء الأولية في الترقية والعلاوة والمكافآت للمقلعين عن التدخين من منسوبي وزارة الصحة، وإن الوزارة قامت بوضع آلية واضحة لتقدير من يقلع عن التدخين، وأوضح أنّ الهدف من هذه الخطوة هو تشجيع المدخنين من منسوبي الوزارة للإقلاع عن التدخين. كما سبق أن أعلن معالي وزير الصحة خلال افتتاحه فعاليات اليوم العالمي للامتناع عن التدخين وفعاليات الحملة التوعوية لمنسوبي الوزارة بأضرار التدخين في 4-5-1427هـ أنّه سوف يُعطى المقلعون عن التدخين الأولوية في الترقية والعلاوة والمكافآت على آلية التنفيذ واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والمترتبة عليها من ترقية وعلاوة وغيرها من مكافآت، وذلك اعتباراً من تاريخ 1-6-1427هـ.
إنّ ظاهرة التدخين كانت ظاهرة ومشكلة حقيقية في الدول المتقدمة في الستينات، إلاّ أنّ هذه الظاهرة انخفضت كثيراً بسبب وعي تلك المجتمعات بالنتائج السلبية للتدخين ووضع الدول ضوابط صارمة لحماية الصحة العامة، منها منع التدخين في وسائل النقل والأماكن العامة والفنادق، إلاّ أنّ ظاهرة التدخين ما زالت في ازدياد في الدول النامية، نظراً لعدم وجود الوعي الكامل بالأضرار التي يسببها التدخين، وقد قامت المملكة بالعديد من الجهود منها منع التدخين في الأجهزة الحكومية وفي الطائرات والمطارات.
وتقف منظمة الصحة العالمية الآن على مشارف مرحلة جديدة تماماً بعد توقيع العديد من دول العالم على الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ ومنها المملكة، حيث يعتبر التدخين مشكلة الصحة العامة التي تعمل الدول والشعوب على محاربته، وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنّ نحو ثلث سكان العالم يدخنون السجائر أغلبهم في الدول النامية، ومعظمهم في عمر 15 سنة أو أكبر، وذلك أنّ صناعة التبغ تعتمد أصلاً على المدخنين الجدد من المراهقين الذين تعوّض بهم زبائنها الذين يموتون بسبب إصابتهم بالأمراض التي يسببها التدخين.
فالتدخين من أكثر الأخطار التي تهدِّد الصحة العامة، حيث ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ أخطار التدخين أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقاً، وما يعتقد كل من يمارس هذه العادة الضارة، فقد أشارت التقارير إلى أنّ التدخين يتسبب بخمس وعشرين مرضاً أو مجموعة من الأمراض وبه أكثر من مائة مادة كيميائية سامة يمكن أن تهدد حياة الشخص والتي يمكن الوقاية من معظمها أو تقليل فرص الإصابة بها بالتوقُّف عن التدخين.
وقد تزايدت نسبة المدخنين في الدول النامية إلى 50% وبالمقابل نجد أنّ استهلاك الدول المتقدمة ينخفض بمعدل يبلغ حوالي نصف في المائة كلّ عام، وإذا نظرنا إلى هذه الحقيقة، نجد أنّ شعوب الدول النامية يدخنون ثماني سجائر مقابل كلّ سيجارة امتنع أهالي الدول المتقدمة عن تدخينها لأسباب صحية.
ولما كانت شركات إنتاج السجائر تعتمد في أرباحها على عدد الأفراد الذين ينضمون يومياً إلى وهم التدخين، فإنّ تلك الشركات تعمل جاهدة لترويج منتجاتها القاتلة وذلك بخداع المراهقين وإغرائهم إما لممارسة عادة التدخين او الاستمرار فيه، من خلال إعلانات تلفزيونية تربط التدخين بالرجولة بكونه رمز الاستقلال والنضج أو المغامرة وأنّه مفتاح التقبل الاجتماعي، كما تصوره بأنّه الوسيلة التي تعطي الشاب صورة إيجابية بين أقرانه، فقلة من الناس ما يبدؤون التدخين بعد بلوغ سن النضج لذلك فإنّ الأطفال والمراهقين هم الهدف الأول لمنتجي التبغ، وفي سبيل ذلك تصرف شركات إنتاج السجائر ملايين الدولارات سنوياً لإغراء الشباب ليصبحوا مدخنين.
والحقيقة التي يجب أن نعرفها أنّ الشخص المدخن لا يتمتع بالنشاط والحيوية، بل يشعر بالتعب والإجهاد عند القيام بأي مجهود بسبب قلة الأوكسجين في الدم، بالإضافة إلى الشكل العام، والشحوب، وذبول البشرة، إضافة إلى رائحة التبغ الكريهة التي تلتصق بملابس المدخن، مما يجعل رائحته منفرة في كلِّ مكان يحل فيه، وشحوب اللون واحمرار العين وكثرة السعال .. والكثير من الاعتلالات والأمراض وعلى رأسها أمراض القلب والشرايين والسرطان.
لقد استغلت تلك الشركات البرامج الترويحية من خلال رعاية المسابقات، الرياضية، ووضع إعلاناتها على ملابس وسيارات أبطال سباق السيارات لربط التدخين بالمغامرة، ليصدق الشباب تلك الإعلانات المضللة، وتكون صورة في أذهان الشباب عن فكرة المتعة بالتدخين، وتقرن التدخين مع الصحة، والتفوُّق الرياضي، والمغامرة، وفي حين تعتبر الرياضة أحد أنماط الحياة الصحية، لما لها من فوائد جسدية ونفسية وعقلية، نجد العكس مع سلوك التدخين الذي يعتبر أحد أهم أسباب الإصابة بالأمراض وحدوث الوفيات، لذلك كان لا بد من الانتباه للأسلوب المضلّل الذي تتبعه تلك الشركات للحصول على ضحايا جديدة، خاصة إذا عرفنا التأثيرات السلبية للتدخين على الإنجازات الرياضية، وحتى على غير الرياضيين من الهواة والمشجعين من خلال التدخين السلبي.
لقد كان قرار المسؤول الأول عن الصحة في هذا الوطن الغالي معالي وزير الصحة قراراً إيجابياً وهاماً في مكافحة هذه العادة الضارة واقتلاعها بين موظفي الوزارة المعنية بالصحة، ليكونوا مثلاً يحتذى به من قِبل الأجهزة الحكومية الأخرى، إلاّ أنني تمنيت أن لا يتسرع معاليه وأن يعرض هذا القرار على الإدارة القانونية في الوزارة قبل إصداره ضماناً لنجاحه.
فمعالي وزير الصحة يملك صلاحيات منح مكافآت العمل خارج وقت الدوام الرسمي، والدورات التدريبية في الخارج، وكذا إتمام الدراسة في الخارج لبعض الموظفين، وكذلك الموافقة على الانتدابات، ومنح العلاوة الإضافية عند الترقية، وكنت أتمنى أن لا يذهب معالي وزير الصحة بعيداً في وعوده لمن تركوا التدخين، وأن ينحصر تصريح معاليه في هذه الجوانب فقط، فأنا أعلم بناءً على ما لدي من معلومات عن نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية، خاصة وأنّ هذه الصفحة تتعلق بالقوى العاملة في القطاعين العام والخاص، فإنّ ليس للوزير صلاحية تعديل قرارات مجلس الخدمة المدنية أو نظام الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية، فالعلاوة الدورية تمنح لجميع الموظفين على حد سواء في بداية كل عام هجري، ولا يمكن حرمان الموظف منها إلا بعد أن يرتكب الموظف مخالفة، ويحقق معه ويثبت قصوره مما يعرِّضه إلى إحدى العقوبات التأديبية ومنها الحرمان من العلاوة الإضافية، ولم اطلع على أي نظام ينص على إمكانية إجراء مفاضلة بين الموظفين عند حصولهم على العلاوة الإضافية، فالوزير حتى لو كان وزير الخدمة المدنية ليس له صلاحية تأخير منح هذه العلاوة أو تقديم شخص على آخر أو إجراء مفاضلة بين المستحقين لها، لأنّها تمنح للموظفين في وقت واحد، ومن جانب آخر فإنّ ضوابط الترقية من المرتبة العاشرة فما دون ترتبط بالمفاضلة بين الموظفين من خلال ما يحصل عليه الموظف من نقاط في التدريب، والتعليم، والأقدمية بالإضافة إلى الشروط الأخرى التي أجزم أنّ ترك التدخين ليس منها، وأجزم أنّ وزارة الخدمة المدنية لن توافق بأي حال من الأحوال على محضر الترقيات في وزارة الصحة إذا لم يتفق مع نظام ولوائح الخدمة المدنية، ولن توافق على تقديم موظف على آخر في الترقية دون الالتزام بقواعد المفاضلة حتى لو كان موظفاً أقلع عن التدخين للحصول على وعود معالي الوزير!
فالأمر يرتبط بالعدالة بين الموظفين، ولو كان غير ذلك لأصدرت كلُّ جهة حكومية ضوابطها المستقلة في الترقية التي يحددها الوزير، وما كانت هناك حاجة أن ترسل محاضر الترقيات إلى وزارة الخدمة المدنية للتأكد من شمول محضر الترقيات لكافة المستحقين.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved