Tuesday 11th July,200612339العددالثلاثاء 15 ,جمادى الثانية 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"دوليات"

الهواجس الأمنية بمؤتمر دول الجوار العراقي الهواجس الأمنية بمؤتمر دول الجوار العراقي
د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم

على ما يبدو أن اجتماع الدول المجاورة للعراق الذي انعقد مؤخرا في العاصمة الإيرانية طهران، لن يكون الاجتماع الأخير طالما استمر المسرح الجغرافي العراقي مشتعلا بنيران الفتن والعنف والإرهاب، وطالما بقيت مخاوف التفكك والتحلل تحتل صدارة المصالح الإقليمية وطالما بقي الهاجس الأمني مسيطرا على قمة أولويات جميع دول العالم بعد أن أصبح العنف والإرهاب العدو الأول لبقاء واستقرار المجتمعات الإنسانية في العصر الحديث.
هذه حقيقة واحدة من حقائق الواقع السياسي والأمني الذي تعيشه دول وشعوب العالم عامة، وتلك التي تعيش في هذه المنطقة تحديدا، وهي المنطقة التي تقف منذ أحداث 11 سبتمبر الإرهابية على حافة الهاوية، إن لم يكن تقف على فوهة بركان ثائر. لهذا تشترك جميع دول المنطقة، خصوصا الدول المجاورة لبؤر الصراع الساخن فيها، في مصلحة الحفاظ على الأمن والاستقرار الفردي لكل دولة على حدة كي يمكن الحفاظ على الأمن الإقليمي المشترك لها جميعا.
فانعدام التوازن السياسي والأمني بفعل أمراض التطرف والتصحر الفكري والتشدد والغلو العقدي من جهة، ومن الجهة الأخرى كنتيجة لتنامي مخاطر الاختراقات الخارجية للمجتمعات والدول، لن تنأى أي دولة عنه، وبالتالي لن تكون تبعا لذلك في مأمن منه، طالما اشتركت الدول مع بعضها في عامل الجغرافيا، وهو العامل الذي يفرض على الجميع ضرورة التفاعل والتعاون المشترك للحفاظ على الأمن والاستقرار الجماعي كي يمكن الحفاظ على الأمن والاستقرار الفردي للمنتظم الدولي الإقليمي.
لهذا كانت تركيا، الدولة التي دعت لعقد مؤتمر عن العراق للدول المجاورة للعراق قبل أن يسقط العراق تحت وطأة الحرب العالمية على الإرهاب بثلاثة أشهر تقريبا، الدولة التي تطلق صافرة الإنذار المبكر لمخاطر انعدام مقومات الأمن والاستقرار العراقي. بل كانت في طليعة الدول التي أعلنت صراحة عن مخاوفها من مخاطر تداعيات الأوضاع السياسية والأمنية في العراق.
كما كانت تركيا في طليعة الدول التي وعت جيدا وأدركت تماما الرسالة السياسية والأمنية التي أطلقتها حكومة المملكة عن مخاطر الإرهاب الإقليمي والعالمي، وعن التبعات السلبية لمضار التشدد والتطرف السياسي والعقدي، وأخيرا سلبيات ومخاطر الاختراقات الخارجية للشؤون الداخلية لدول المنطقة تحت مبررات واهية وأعذار مختلفة في طليعتها انعدام مقومات ومتطلبات الأمن الإقليمي.
مؤتمر الجوار لدولة العراق إذن تكتل سياسي وأمني لست دول (المملكة والكويت، الأردن وسوريا، تركيا وإيران، إضافة إلى ممثلين عن دولة مصر والبحرين والجامعة العربية) تشترك جميعها مع العراق في عامل الجغرافيا، وبالتالي فهي تتشارك في كافة الهواجس الأمنية ويهمها جميعا أن يبقى العراق متماسكا، وموحدا، ومستقرا حتى لا تغدو نظرية الدومينو الخارجية وسيلة لتحقيق أي غاية من غايات الأطماع الباغية أيا كانت مصادرها.
الحقيقة التي بات الجميع يدركونها تماما في هذه المنطقة تؤكد للجميع أن عقول الإرهاب القيادية وتنظيماته الرئيسية والفرعية تحرص كل الحرص بإيعاز من قوى البغي والعدوان إلى تدمير قواعد ومقومات الأمن والاستقرار في العراق وصولا إلى تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي كي تبقى حدود المنطقة وثرواتها مفتوحة على مصارعها أمام جميع أعدائها.
لذا من الواضح حتى الآن، بغض النظر عما يثار من اتهامات، أن جميع دول المنطقة، وخصوصا المملكة يهمها بقاء العراق وحدة سياسية متحدة ومتماسكة، متكاملة ومستقرة سياسيا وأمنيا. وأن يحصل العراق وحكومته على جميع مقومات الرشد السياسي وجميع متطلبات السيادة السياسية المطلقة على أرضه وشعبه وثرواته. وألا تتدخل جميع الدول من داخل المنطقة أو من خارجها في الشؤون الداخلية للعراق على أن تحرص حكومة العراق على الحفاظ على متطلبات العدالة والحرية والمساواة لجميع الطوائف والمذاهب العراقية.
إن قدرة العراق على حماية مواطنيه من المخاطر الأمنية الداخلية والخارجية تتطلب أن يحافظ على حدوده الإقليمية من اختراقات التنظيمات الإرهابية التي يتسلل عناصرها من خارج العراق إلى داخله مهددين بذلك الأمن والاستقرار العراقي الوطني، المبرر الذي يبقى القوات الأجنبية والاختراقات الخارجية لسيادة العراق ويعرضها للانتقاص.
أخيرا لا شك أن الجميع يدركون أن الاستقرار الإقليمي شأن جماعي وحقيقة كلية لا يمكن التغاضي عنه أو إهماله، ويتطلب لتحقيقه توحيد السياسات والجهود الإقليمية على الأقل للحفاظ عليه. لهذا فإن تداعي مقومات الأمن والاستقرار في دولة إقليمية معينة وخصوصا العراق تنمي لا محالة من احتمالات انفراط العقد الأمني الإقليمي خصوصا على المدى البعيد.. فالأمن والاستقرار الإقليمي كعقد اللؤلؤ ان انفرط جزء منه تناثرت بقية أجزائه.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved