في تاريخ هولندا الحافل بعالم كرة القدم يوجد أربعة إخفاقات في سجل البلاد مع ضربات الجزاء من أصل خمس مرات اضطرت فيها هولندا لحسم مبارياتها بهذه الطريقة خلال الـ(14عاماً) الماضية فقط. لذلك لم يكن غريباً من مدرب المنتخب الهولندي الحالي ماركو فان باستن أن يعلن أن لاعبيه سيخوضون تدريبات مكثفة على ضربات الجزاء قبل مباراتهم مع البرتغال اليوم الأحد في إطار منافسات دور الـ 16 من بطولة كأس العالم التي تستضيفها ألمانيا حالياً. فلا شك أن فان باستن نفسه يعرف الكثير عن دراما ضربات الجزاء مع هولندا. ففي صيف عام 1992 عندما كان فان باستن من أحد أبرز هدافي العالم واجهت هولندا منتخب الدنمارك في الدور قبل النهائي لبطولة الأمم الأوروبية بالسويد.
وبعد مباراة رائعة من الطرفين انتهى الوقت الأصلي والإضافي بالتعادل (2-2) وكان الاحتكام لضربات الجزاء. وفي تلك الضربات لم يقع سوى خطأ واحد فقط كان من فان باستن. فقد صد الحارس الدنماركي الشهير بيتر شمايكل تسديدة فان باستن ليتبخر حلم الهولنديين في الفوز بلقب البطولة الأوروبية للمرة الثانية على التوالي بعد أربعة أعوام من لقبهم السابق عام 1988م.
وعندما ذكَّر أحد الصحفيين فان باستن بهذه الحادثة خلال مؤتمر صحفي بملعب تدريبات المنتخب الهولندي بكأس العالم بفريبورج في وقت سابق من هذا الأسبوع رد عليه فان باستن ساخراً شكراً على تذكيري بذلك.
وجاء خطأ فان باستن القاتل في 1992 كبداية للعنة ضربات الجزاء التي صاحبت المنتخب الهولندي في السنوات التالية. وكلفت إخفاقات لاعبي هولندا في ضربات الجزاء منتخبهم غالياً في بطولة الأمم الأوروبية يورو 1996 وكأس العالم 1998 والأهم من ذلك والاكثر ألماً في بطولة الأمم الأوروبية يورو 2000 التي استضافتها هولندا بالمشاركة مع بلجيكا. ففي مباراة الدور قبل النهائي بتلك البطولة التي جمعت بين هولندا وإيطاليا بامستردام أهدر ثلاثة لاعبين هولنديين ضربات جزاء لبلادهم ليحرموها من التأهل إلى نهائي البطولة الذي اعتبره الكثيرون حقاً مشروعاً لهولندا. ولكن الهولنديين نجحوا أخيراً في تغيير حظهم مع ضربات الجزاء في بطولة الأمم الأوروبية السابقة قبل عامين بالبرتغال عندما سجل رود فان نيستلروي وجوني هيتينجا وآريين روبن لهولندا لتفوز على السويد في دور الثمانية بالبطولة.
والآن بعد وصول هولندا لدور الـ16 من بطولة كأس العالم بألمانيا فقد عادت ذكريات ضربات الجزاء الأليمة لتلاحق المنتخب الهولندي من جديد. وقد عكف النرويجي جير يورديت وهو أخصائي نفسي رياضي ومدرس بجامعة جرونينجن بهولندا على دراسة هذه المشكلة باستفاضة. وانتهى البحث الذي أجراه يورديت إلى نتيجة أنه لا توجد علاقة بين معدل نجاح أي لاعب عند نقطة الجزاء وبين خبرته أو قدراته. وقال يورديت إن الأمر كله يعتمد على الضغط النفسي.
وحلل يورديت 41 مباراة حسمت نتيجتها عن طريق ضربات الجزاء في بطولات الأمم الأوروبية وكأس العالم وكوبا أمريكا فيما بين عامي 1974 و2004. واكتشف يورديت وجود علاقة عكسية بين أهمية إحدى المباريات ومعدل نجاح اللاعب عند نقطة الجزاء. ونصح يورديت اللاعبين بالتخلص من هذه الضغوط من خلال عدم التعامل (بجدية كبيرة) مع ضربات الجزاء.
ومن المحتمل أن يكون فان باستن قد قرأ دراسات يورديت أو أن تجربته الشخصية كلاعب تلعب دوراً في مساعدته على تطوير خطة جديدة للتعامل مع ضربات الجزاء. وعندما سئل فان باستن عما خطط له لتحسين فرص فريقه في الفوز في حالة احتكام أي من مبارياته في ألمانيا لضربات الجزاء أجاب المدرب الهولندي أول شيء هو التدريب على ضربات الجزاء بدرجة كافية حتى تصبح إجراء روتينياً. سيكون الأمر مثل لاعبي التنس إلى حد ما الذين يتدربون على ضربات إرسالهم آلاف المرات.
وأضاف فان باستن أما ثاني شيء يمكننا فعله فهو أن نناقش هذا الأمر فيما بيننا وأن نشارك تجاربنا مع بعضنا البعض. وكلما تدربنا وتحدثنا عن ضربات الجزاء أكثر كلما تحسنت فرصنا في النجاح.
|