عطفاً على مقال الأستاذ حماد السالمي يوم الأحد 15-5-1427هـ أقول: إن حوادث المعلمات التي نسمع عنها ونقرأها ونشاهدها على شاشات التلفزيون أو الطبيعة كل يوم.. ما نتيجتها؟!
النتيجة واضحة لجميع شرائح المجتمع حيث تذهب المعلمات إلى عملهن الذي يبعد عن مقر سكنهن مئات الكيلو مترات ثم لا يعدن إلا وقد شاهدن حادثاً لإحدى زميلاتهن أو لهن ونتج منه وفيات وإصابات. نعم قد نفقد في كل يوم عنصراً فعالاً في المجتمع ألا وهو المعلمة؛ فهي الأم وهي الأخت التي تذهب ضحية السرعة الجنونية وتترك أسرتها تعاني الحزن والألم، ذهبت وتركت أطفالها الذين كانوا ينتظرون عودتها، ولكنها لن تعود إليهم طوال حياتهم، (ولكن مَن السائل ومَن المسؤول)؟
أعتقد أن المسؤولية على الجميع؛ لأنهم تركوا الحبل على الغارب؛ حيث نرى السيارات القديمة التي تقطع المسافات الطويلة ويدخلها عدد كبير من المعلمات اللاتي أجبرتهن الظروف على هذه السيارات القديمة ويكون سائقو هذه السيارات أشخاصاً كباراً في السن، وربما أنهم مصابون بضعف النظر وعدم الخبرة بالطرق الطويلة وكيفية التصرف والتحكم في السيارات عند المنعطفات وعند هطول الأمطار الغزيرة والضباب الكثيف وخلافه.
السيارة قديمة وتنقصها جميع وسائل السلامة، وهي غير مجددة وغير مفحوصة وتحتاج إلى الكشف من قبل النقل والمواصلات. والسائق كبير في السن وتنقصه الخبرة في التعامل مع الحوادث المرورية.
مواطن يحكي قصة تذرف منها الدموع؛ يقول: ذات يوم خرجت زوجتي التي تعمل مدرسة في إحدى ضواحي المحافظة ومعها ابنتيّ اللتان تدرسان في نفس المدرسة التي تعمل فيها والدتهما، وقد ودعتهن مع الباب إلى السيارة التي تقلهن إلى المدرسة، وذهبت إلى عملي، وبعد قليل فوجئت برنين الجوال يخبرونني بوقوع حادث لتلك السيارة التي نقلت زوجتي وزميلاتها، وذهبت مسرعاً إلى المستشفى فوجدت الفاجعة الكبرى، وهي وفاة زوجتي وابنتي في ذلك الحادث المروع.
قصة أخرى تحكيها إحدى المعلمات التي نجت من حادث مروري مروع جداً؛ تقول: ذهبت وأنا وزميلاتي المعلمات مع سائق كان ينقلنا إلى مقر عملنا في إحدى المدارس التي هي خارج المحافظة، وكانت سيارته قديمة، ولكن أجبرتنا عليها الظروف. وبعد خروجنا من المحافظة بدأنا في الخط السريع ثم فوجئنا بالسيارة تخرج عن مسارها يميناً ويساراً حتى ارتطمت بجانب الطريق وانقلبت عدة قلبات نتج عنها وفيات وإصابات، وأذكر إحدى زميلاتي التي كان زواجها في بداية الصيفية حيث كنا على نهاية الاختبارات النهائية، وقد وزعت علينا بطاقات الدعوة الخاصة بزواجها، وكانت في قمة السعادة، ولكن فوجئنا بوفاتها في سيارة الموت التي جمعتنا وفرقتنا.
يا لها من حوادث محزنة ومؤلمة جداً، ولكن (مَن السائل ومَن المسؤول)؟؟ الكل مسؤول.. وزارة التربية والتعليم مسؤولة.. والأمن العام، وما يتبعه من إدارات مثل المرور وأمن الطرق وغيرهما من الأجهزة.. وكذلك وزارة النقل والمواصلات.. لإيقاف السيارات القديمة التي تنقل المعلمات التي تزهق أرواحهن البريئة على الطرقات الطويلة.. وكذلك تطبيق وسائل السلامة على جميع السيارات التي تنقل المعلمات، سواء أكانت لمؤسسات أم لأفراد.. ومراكز التفتيش لها دور في تطبيق النظام على هذه السيارات القديمة. ولو قارنا بين الحوادث التي تحدث للمعلمين والحوادث التي تحدث للمعلمات لوجدنا أن حوادث المعلمين قليلة ومحدودة جدا، أما حوادث المعلمات فهي كثيرة وضحاياها أكثر مع أن المسافات واحدة والمناطق واحدة، ولكن المعلمين لديهم إدراك وإلمام بهذه الطرق ولديهم القدرة على التصرف السليم عند حدوث مثل هذا الحوادث، أما المعلمات فيكون سائق سيارتهن غالباً رجلاً كبيراً في السن وليس لديه الإلمام الكافي والقدرة على التصرف في مثل هذه الظروف، وفي مثل هذه الظروف تكون السرعة الهدف الأساسي في مهنته فتراه غير مبال بما سيحدث من نتائج وخيمة على أثر هذه السرعة. إننا نتمنى من الجهات المعنية التصدي لمثل هذه السرعة القاتلة.. قال الله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، والسرعة هي الطريق المؤدي إلى الهلاك والموت.
معيوض جار الله الربيعي الطائف
|