تعقيباً على مقال الأستاذ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ المنشور في يوم الثلاثاء الموافق 24- 5-1427هـ بعنوان (الصحوة والصحويون) أقول:
أولاً: ذكر الكاتب أن كثيراً ما يواجهه سؤال مفاده لماذا تنتقد بحدة الصحوة والفكر الصحوي؟
ثم أجاب على ذلك السؤال إجابة طويلة قد نتفق معها أو نخالفه بها، إلا أن لي إجابة أخرى تدخل في احتمالات الإجابة على هذا السؤال.
بتقديري أن الكاتب ينقصه تناقض الرأي لذا تجده في صورة واحدة لا تتغير في معظم مقالاته مع أن المفروض أن نجرؤ على وضع تناقضاتنا في مقال واحد لأنه يدل على أننا قادرون أن نتغير وأن نجدد رؤيتنا للأشياء فيما بين كتابة أول الصفحة وكتابة آخرها، هذا الرفض للتناقض من قبل بعض الكتاب يجعلنا نشكك في الليبرالية التي يطمحها الجميع والتي يحدثوننا عنها في العديد من مقالاتهم، حيث إن التناقض مستوى من مستويات الحرية لا أعلم إلا القلة من بلغها حيث يعتبر الكثيرون أن التناقض (ذنب وخطيئة) إذن يمكننا أن نقول إن الثبات فضيلة والتغير رذيلة، إذ إن مثل هذه الممارسات من قِبل بعض الكتاب ورفضهم لهذا التناقض قد يعوق التطور والتغير لذا أحب أن أسأل الكاتب: هل موقفك الفكري لا يرى موقفك السلوكي؟
ثانياً: يُلاحظ على الكاتب أنه دائماً ما يلجأ إلى تفسير النصوص سواء كانت من الكتاب الكريم أو السنة النبوية وهذا يعني أننا لن نُعالج شيئاً لأن كل فريق يفسرها لأهوائه ومصالحه مثال ذلك الحديث النبوي المشهور الذي جاء فيه: (ويح عمار تقتله الفئة الباغية)، حيث إن إحدى الفئتين تقول إن الفئة التي قتلته هي الباغية والفئة الأخرى تقول إن الذين أخرجوه إلى الحرب هم الفئة الباغية!
ثالثاً: أشار الكاتب في مقاله للصحوة قائلاً: (إن هذا الاسم يعني أن ثمة نقطة تاريخية فاصلة بين الماضي القريب وبين الراهن الحالي فما قبل هذه النقطة كان المسلمون في غفوة أو إن شئت في سبات عميق وحينما جاءت هذه الفرقة أيقظتهم فعم الإسلام كل أرجاء البلاد الإسلامية!) باعتقادي أن ليس هناك فرقة و فكر تحديثي إلا وأطلق ما يشابه هذا الاسم على نفسه آخرها التنويريين وإني أسأل الكاتب هل هذا يعني أننا نعيش في ظلام قبل بدء مرحلة التنوير؟
رابعاً: أوافق الكاتب عندما ذكر أن (فكرة التنظيم السياسي) هي أساس الصحوة حيث إني أعتقد أن الكثير من الحركات الإسلامية والفكرية بشتى اختلافاتها كانت تسعى لنموذج سياسي من خلال ما تراه فالتاريخ الإسلامي يحمل الكثير من الدول كان لمثل هذه الفرق دور في تكوينها وهذا ليس في الإسلام فقط، بل في الغرب أيضاً، حيث مارس الحزب الجمهوري الأمريكي نفس الفكر عن طريق المحافظين الجدد، حيث استطاع هذا التنظيم من التأثير والوصول إلى صناع القرار وساهم بشكل كبير في تعزيز أسهم هذا الحزب بالفوز بالكثير من الانتخابات في العقود القليلة الماضية واستغل الدين في الكثير من القرارات السياسية كانت آخرها الرؤيا التي ذكرها الرئيس بوش في أحد خطاباته بأن الله أرسله لنشر الأمن والسلام!
كذلك يمكننا أن نطلق نفس الشيء على بعض الكتاب من خلال معارضتهم لنظام مؤسسات المجتمع المدني الذي يُدرس في مجلس الشورى أو المطالبة ببعض التنظيمات أليس هذا يعتبر بداية تنظيم سياسي؟
خامساً: أحب أن أذكر الكاتب بأنك عندما تنقد يجب عليك أن تنظر إلى الظروف قبل النقد لكي تستطيع الربط بين الأسباب والنتائج، حيث إن الخطأ في هذا الربط يعني أننا نفسر السبب بالنتيجة! وهنا تكمن المشكلة مثال على ذلك الصين الشيوعية الكثيرين يراهنون على أنها دولة عظمى ستقود العالم على أن سجلها في حقوق الإنسان سيئ على حسب وصف المنظمات العالمية وغيرها من الأوصاف قد تتوافق مع ما يطلق على الصحوة والصحويين حيث إني أسأل الكاتب هل تتوقع أنه لن يوجد كتَّاب في المستقبل لن ينادون بتطبيق النموذج الصيني؟ أكاد أجزم بوجود بعض هؤلاء الكتاب! ولكن السؤال عن موقف كاتبنا آل الشيخ وقتها هل سيكون وقتها مع تطبيق نموذج الصين وبذلك سيكون قمعياً ضد حرية الإنسان أو حقوقه أو أنه سيكون ضد تطبيق هذا النظام وسيكون رجعياً متخلفاً؟!
سادساً: تطرق الكاتب إلى موضوع المرأة وأشار إلى أن هذه الفرقة توظف هذه القضية لخدمة طموحاتها، حيث إني أوافق الكاتب فيما ذكره ولكن هل هم الوحيدون ممن يستغل مثل هذه القضايا أليس هناك كتاب من استغل بعض العمليات الإرهابية ووظفها لخدمة من هنا أعتقد أن المؤدلج لا يختلف كثيراً عن المثقف فالمؤدلج لديه قناعات ثابتة لا تتغير أما المفكر فهو يستغل فكره حيث يوصف التفكير بأنه شاهد زور، حيث يسبق التفكير الحاجة لذا المؤدلج والمثقف بتقديري وجهان لعملة واحدة ولكن الفرق بينهما في كيفية استغلال النصوص لذا أسأل الكاتب هل يستطيع أن يفصل تفكيره عن ظروفه وحاجته وأهوائه؟
أخيراً: أشار الكاتب إلى رفض هذه الفرقة عمل المرأة، حيث أعتقد أن هناك الكثيرين من الكتاب من يرون أن عمل المرأة جريمة وهم يباركون عملها (أذكر أن كاتباً تنويرياً رفض دخول ابنته كلية الطب بحجة أنه عمل مرهق!) وهذا يعني أنهم لا يستطيعون تحويل أفكارهم إلى سلوك أي أن الذي يغير أفكارنا هو الظروف لذا المجتمع لا يقتنع بالفكرة كونها صحيحة أم لا، بل لأنها وجدت ظروف الإقناع، كذلك لا يمكنني أن أنسى ما حدث في الملتقى الثقافي الأول عندما همشت المرأة مما أصابها بإحباط شديد من مثقفين حملوا على عاتقهم همها والدفاع عنها والمطالبة بحقوقها! لذا أعتقد أن الكثيرين ممن يطالبون بحقوق المرأة هم لا يريدون تحقيقها بقدر ما يريدون إغاظة أناس آخرين أو تحقيق مصالح شخصية أذكر أن إحدى الكاتبات المدافعات عن حقوق المرأة كتبت تشتكي وقالت من يصنع الكعكة لا يأكلها!!
فيصل بن منصور الدخيل |