Sunday 25th June,200612323العددالأحد 29 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الرأي"

في بيته معاق في بيته معاق
عبدالله سليمان الطليان /الخرج

يعود إلى الدار فتبقى الصورة ثابتة، يحاول جاهدا وأدها ونسيانها لكنها تبقى ماثلة تؤرقه وتقض مضجعه عندما يخرج يجد انه تحرر قليلا يساعده في ذلك أحيانا وقت العمل الذي يمسح الصورة من مخيلته لفترة فيتجرد من الصمت الذي طالما جرفه نحو الأفكار التي هي غارقة في الألم والحزن المزمن، كان يجهز عليها بعدما يعانق القدر ويرضى بما شاء الله لذلك الجسد الطفولي الذي قدم إلى الحياة فاكتمل في النمو لكنه أصبح أسيرا للاعاقة التي اخذت منه التواصل مع محيطه الا من الإشارة، قيدته عن الحركة الا بكرسي متحرك هو السبيل نحو فك العزلة والوحدة التي تكبله أحيانا، فيشعر بوجوده وكيانه.
تتسرب إليه أحيانا أحلام اليقظة التي تبحر به إلى شاطئ الأمل الذي يضم فيه حلم الخلاص فتغمره النشوة وتحلق به نحو السعادة التي تبقى به بعيدا حتى يعود الحلم مسرعا هاربا من قسوة الكلمات والعبارات التي تحاول أن تصطاده فتعيد نبش الذاكرة اليومية وإخراج المعاناة وتعليقها أمامه لكي يتفحصها من جديد في يوم ما هام بخطى متكاسلة في الشوارع فوقع بصره على ذلك الجسد الجالس في نهاية الشارع مستندا إلى جدار صاحب ثياب متسخة وممزقة فاقد البصر ذو يد واحدة يستجدي المارة فتوقف، وأخذ يعيد النظر ويرسم المشهد بشكل أدق ممعن في التفاصيل التي راحت تجول في فكره فيسأل نفسه أين هذا من حال ابني؟ كيف تتعامل أسرته معه؟ لماذا يترك في هذا الحال؟ هل يستجدي بإعاقته؟ لماذا يهمل في هذا الشارع؟ تراكمت التساؤلات في رأسه وأخذت تفك قيد معاناته وتزيل شيئا من الألم الذي يستوطن في داخله، فكانت مثل الذخيرة التي زادت في عتاده جعلته يتحمل المواجهة مع حال ابنه الذي أراد بكل ما أوتي من قوة في البحث عن إخراجه من حالته التي ذهبت أدراج الرياح لكنه بعدما أدرك انه ليس الوحيد الذي يعيش في هذه الحياة الذي نزل القدر في واقعه، فهناك من بعض البشر من بني جنسه وجد ان الاعاقة تضرب أطنابها في أسرهم وبشكل قد تكون فيه أشد ايلاما من واقعه، وتبعث على الشفقة والعطف عندها رحل ورمى أفكاره اليائسة والمتذمرة في صحراء النسيان وامتطى الحقيقة التي أخذته إلى واحة الإيمان بقضاء الله وقدره في خلقه وانه سوف يلقى الثواب الأوفى إن هو سار في درب الاحتساب والصبر على المبتلى الذي هو اختبار لقوة إيمان المسلم.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved