Sunday 25th June,200612323العددالأحد 29 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"منوعـات"

نوافذ نوافذ
الشبح
أميمة الخميس

المرأة لدينا كائن موجود بغيره لا بذاته، فعلى الرغم من أنّ إحصائيات التعداد الأخيرة أثبتت أنّ النساء يكوِّنّ نصف تعداد السكان في السعودية، وعلى الرغم من الميزانيات الكبيرة التي تذهب لتعليم المرأة وتأهيلها، وعلى الرغم من أنّ نون النسوة درس معترف به في دروس النحو منذ زمن سيبويه، إلاّ أنّنا على المستوى الشامل كثقافة وكرؤية وكحيِّز، ما زالت المرأة كياناً يراوح في مكان الأشباح والظلال الدامسة، والأطياف والأخيلة.
وهناك الكثير ممّن نصَّب نفسه للحديث عنها ولها، وهناك من يهرع للتصدِّي لأيِّ قضية تدور حولها وفي مداراتها، وهناك من لم يحسم رأيه النهائي بها .. هل هي لائقة بزواج عادي أم .... مسيار.
هذا الوجود المرتبك ينمو على ضفافه المئات من القضايا والإشكاليات التي تظلُّ المرأة معلَّقة على حبالها يطوح بها ذات الشمال واليمين.
على حين ما زالت المرأة في المحاكم الشرعية لا تمتلك حيِّزاً نسائياً تستطيع به ومن خلاله أن تتابع أمورها الرسمية والشرعية بيسر وسهولة، ولا أدري طالما أنّ الحجاب الشرعي قد حُسم أمره في المحاكم الشرعية، فلما لا تتواجد المرأة هناك لتمثِّل مرجعية قانونية لسواها من النساء سواء على مستوى المحاماة والمرافعة، أو الاستشارات القانونية، أو دعم الكثير من النساء بالمشورة النفسية والاجتماعية التي تحتاجها نساء قادتهنّ الظروف إلى المحاكم وهنّ في غالبيتهنّ يفتقرن، ليس فقط إلى الوعي والتعليم، بل الحول والقوة.
أيضاً المرأة الأجنبية عندما تقترن برجل سعودي فإنّها ستنال الأمان الرسمي بصورة تلقائية في أوراقها بعد مرور عامين، أو إنجاب طفل، لكن هناك سيدات سعوديات تزوّجن من غير سعوديين وأبناؤهم الآن في الجامعة، وما برحوا عاجزين عن الحصول على كيان رسمي مكتمل على مستوى الأوراق الرسمية، وما برحن يكابدن الكثير من العراقيل والمعوّقات على المستوى الإداري، وكأنّنا هنا نبخس من حقها والطريقة التي اختارت أن تمضي بها حياتها.
على المستوى الاقتصادي تمثِّل الأموال التي تمتلكها النساء جزءاً كبيراً ولا يستهان به في الاقتصاد المحلي، سواء كأرصدة في البنوك أو تلك التي على شكل عقارات وممتلكات، وعلى الرغم من هذا الحضور الثقيل فهو حضور غير منتج وفاعل، لأنّه من جهة أخرى لا يردف بالأنظمة والتشريعات التي تكفل لرأس المال النسائي التحرُّك بسهولة ويسر وبشكل يسهم في نمو الاقتصاد المحلي وازدهاره.
هي تُعامَل في البنوك كشبح، موجود والجميع يسمع به ويعرفه، ولكن غير موجود على الأوراق الرسمية.
فكم من الأوراق والمعاملات والشهادات تعجز المرأة عن الاستفراد بها ما لم تكن ممهورة بتوقيع ذكر يبرِّرها ويسوِّغها، ويمنحها المصداقية.
وأبسط مثال على هذا، المرأة علاقتها منبتة بأبنائها على المستوى الرسمي تعجز عن فتح حساب مستقل لهم دون ورقة توقيع من أبيهم، وتعجز عن شراء أسهم، أو إدراج في صناديق استثمارية لمستقبلهم، لو هي فكرت بهذا مثلاً دون موافقة من ولي الأمر!
وما سبق هي نظرة سريعة على المشهد بشكل عام، على مشهد يخاف الجميع فيه من الشبح ويسمعون بالشبح، ويحلمون بالشبح، ويصنعون المئات من التعاويذ لمطاردة وحصار الشبح، دون أن يحصل هذا الشبح المسكين على أوراقه الرسمية بصورة مكتملة.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved