أفق
التعلم من تجارب الدول الأخرى
سلطان بن محمد المالك(*)

في كتابه الرائع (رؤيتي) الصادر حديثاً قدم سمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي نصائح كثيرة ومفيدة جداً لكل إداري أو مسؤول يبحث عن النجاح أو الاستمرار في تحقيقه بشكلٍ مستمر. أتمنى من كل مسؤول أو إداري أن يقرؤه ليتعلم ويستفيد من تجربة دبي الناجحة بكل المقاييس في مختلف الأنشطة والمجالات، ومما ذكره في كتابه (الفشل معلم كبير لكن يمكننا أن نتعلم من فشل تجارب الآخرين حتى نتجنب عناء التعلم من الفشل)...كذلك أشار إلى أن استمرار النجاح يتطلب التعلم من تجارب الآخرين والاستفادة من الخبرات الجديدة عبر حوار مفتوح دائم (وقال كذلك إذا واجهت تحدياً يتطلب إيجاد الحل أو اتخاذ القرار فأمامك خياران إما أن تأخذ فكرة من سبقوك وتتبعها وإما أن تستفز قدراتك الإبداعية وطاقتك العقلية وتطور فكرة جديدة وعملا جديداً). كلام جميل من شخصية طبقت ما قالته عملياً من خلال العمل الجاد والاستفادة من تجارب الآخرين من أجل تحقيق رؤية دبي المستقبلية.
ما سبق هو مقدمة لموضوع زاويتي لهذا الأسبوع ، والذي أرغب أن أشير فيه إلى أهمية وضرورة الاستفادة والتعلم من تجارب الآخرين ممن سبقونا في النجاح وعمل دراسات مقارنة Benchmarking بشكلٍ متواصل لتجارب الدول الأخرى في مختلف الأنشطة والمجالات. لدينا في المملكة ولله الحمد تجارب ونماذج مميزة تستفيد منها العديد من الدول الأخرى، ولكنها محدودة، بالمقابل لدينا قصور واضح (وتخلف عن الركب) في العديد من الأنشطة ومما يؤسف له عدم وجود النية أو الرغبة من قِبل البعض للتغلب على العوائق وجوانب القصور.
مما سبق أقترحُ أن يتم تشكيل فرق عمل متخصصة ومدربة في كل جهة حكومية سواء كانت وزارة أو هيئة عامة أو جهة عسكرية أو أمنية أو من شركة خاصة، وتوعز لهذه الفرق مهمة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى ذات التجارب الناجحة والمميزة في مختلف الأنشطة والميادين. وذلك لن يتم إلا من خلال التواصل الفعلي مع تلك الدول من خلال استخدام كافة وسائل الاتصال الممكنة وكذلك السفر لتلك الدول ودعوتها إلينا والتي في الغالب ترحب ولا تمانع من تقديم تجاربها للآخرين. ولكي ينجح المقترح بشكلٍ فاعل يجب تخصيص ميزانية خاصة لها في كل سنة من أجل الانفاق على دراسات المقارنة وتكاليف السفر والتنقل.
ولكي أبسط الصورة بشكلٍ سهل مثلاً ما الذي يمنع أن يُشكل فريق للذهاب لزيارة بعض الدول ذات التجارب الناجحة في استخدام مترو الأنفاق من أجل إيجاد حلول لمشاكل الزحمة في المدن الكبيرة، ما الذي يمنع أن يزور فريق عمل دولة صغيرة كسنغافورة ويتعلم من تجربتها الناجحة في مجال تقنية المعلومات؟ لماذا لا تستفيد خطوطنا السعودية من تجربة الخطوط السنغافورية أو الإماراتية مثلاً في الحرص دائماً على الحفاظ على البقاء في القمة دائماً وهكذا الأمثلة كثيرة وليس المجال لذكرها هنا.
أختم حديثي بأن تتحقق أمنيتي من خلال تطبيق هذا المقترح من قِبل بعض الجهات التي بحاجة ماسة إلى أن تتعلم من تجارب الآخرين.