Sunday 25th June,200612323العددالأحد 29 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

واصفاً القطاع العقاري (بالكبير المحروم).. المهندس سعود القصير لـ( الجزيرة ): واصفاً القطاع العقاري (بالكبير المحروم).. المهندس سعود القصير لـ( الجزيرة ):
معاملاتنا إسلامية.. وأوقفنا المساهمات العقارية قبل تعليقها بالنظام لهذه الأسباب!!

* الرياض - فهد العجلان:
على الرغم من التاريخ الطويل الذي قطعه القطاع العقاري في مسيرته الاقتصادية في المملكة إلا أنه في نظر الكثير من المختصين والمتابعين لا يزال قطاعاً حبيساً داخل الأطر التقليدية للاستثمار وغير واضح المعالم. هذا القطاع الأكبر على صعيد القطاعات الاقتصادية في المملكة يئن اليوم تحت وطأة شح التمويل لمشروعاته العملاقة، ما دفع العقاريين إلى العزوف عن الاستثمار في مشروعات التطوير العقاري غير التقليدية.
وفي هذا الوقت الحرج الذي يمر به النشاط العقاري بدأت بعض الشركات المنتمية للقطاع النظر بجدية إلى واقعه والتصدي لمشكلاته بالتحرك في مسارات عدة لتعبيد طرقه التي لا يزال أغلبها وعراً والمساهمة بإيجاد بدائل تمويلية بصيغ متنوعة.
المهندس سعود القصير المدير العام لشركة دار الأركان العقارية تحدث ل(الجزيرة) عن واقع القطاع العقاري وعن تجربة الشركة التي رفعت رأسمالها إلى 5.4 مليارات ريال وتبنت العمل على رفع القدرة الشرائية لعملائها، ومن المنتظر طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام.
مرحلة انتقالية
تعاني البيئة الاستثمارية في المملكة وفي جميع القطاعات تقريباً من شح وضعف آليات التمويل.. كيف تقرؤون المرحلة؟
- حكومتنا الرشيدة - أعزها الله - لعبت دوراً كبيراً في التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد أثناء غياب قطاع خاص ناضج, فقامت بكل الأدوار (البناء والتشغيل والتمويل)، وفي نفس الوقت وبمسار موازٍ عملت على إقامة قطاع خاص ناضج من خلال الدعم والإعانات الحكومية (المباشرة وغير المباشرة) لكي يستطيع بمرور الزمن أن يكون شريكاً فعالاً في التنمية. واليوم نحن نمر بمرحلة نقل مسؤوليات البناء والتشغيل والتمويل من الحكومة إلى القطاع الخاص؛ حيث تهدف الدولة إلى عدم ممارسة أي نشاط اقتصادي يمكن أن يتولاه القطاع الخاص, وهذه المرحلة هي مرحلة حرجة؛ إذ إنها مرحلة انتقالية قد تسبب بعض الهزات, لذلك تتحرك بها الدولة ببطء وحذر لحين الانتقال إلى الوضع الجديد كاملاً. والتمويل دون شك يمر بنفس المراحل التي ذكرتها؛ لذا فهو لا يزال يعاني من ضعف في آلياته, وعلينا كشركات كبيرة أن نعزز جهود الحكومة في نقله إلى القطاع الخاص.
الكبير المحروم!!
* في ظل الضعف والنقص الشامل في آليات التمويل الاستثماري يعتقد البعض أن القطاع العقاري الأضعف والأفقر في ذلك.. كيف انعكس ذلك على القطاع؟
- أستطيع أن أقول: إننا يمكن أن نطلق على القطاع العقاري صفة الكبير المحروم. نعم، فهو محروم من الاهتمام الذي يتناسب وحجمه وأهميته, فعلى رغم حجمه (الثاني بعد قطاع النفط والغاز)، وعلى رغم ارتباطه بكافة أفراد المجتمع وبكافة الأنشطة التجارية والصناعية والخدمية بصورة مباشرة أو غير مباشرة وما ينبني على هذا الارتباط من نتائج إيجابية أو إفرازات سلبية, إلا أن النظرة لهذا القطاع لا زالت دون المأمول بكثير, وهذه النظرة شكَّلت موقفاً سلبياً لدى كافة الجهات المنظمة للأنشطة المالية تجاه تمويل هذا القطاع, وقد تمثل ذلك في ضعف آليات تمويل المشروعات العقارية وضعف آليات تمويل شراء منتجاته أيضاً؛ لذا ففي ظني أن القطاع العقاري فعلاً يكاد يكون الأشد معاناة من ضعف آليات التمويل, وبخاصة بعد تعليق نظام المساهمات العقارية التي وُلدت بطريقة غير منطقية خارج النظام المالي.
المنافسة الإقليمية!!
* هذا الضعف بلا شك ألقى بظلاله على توسع القطاع ونموه.. فكيف ترون حجم هذه المعاناة وأثرها في ظل تشكل المنافسة الإقليمية الجديدة في القطاع العقاري؟
- يمكنك تلمُّس مدى تلك المعاناة بالنظر إلى عدد الشركات التي تعمل وتطرح مشروعات عقارية عملاقة على رغم حجم الطلب الكبير على العقار بكافة أنواعه (الإسكاني, التجاري, السياحي, الاستثماري.. إلخ)؛ حيث ستجد أن معظم شركات التطوير العقاري متوقفة أو شبه متوقفة عن إطلاق مشروعات عقارية جديدة بعد تعليق نظام المساهمات العقارية عام 2005م, وهي في ظني معاناة عميقة جداً سيكون لها انعكاسات سيئة على الاقتصاد السعودي على المديين القريب والمتوسط إذا لم يتم إيجاد بدائل تمويلية متعددة تناسب كافة المؤسسات العقارية الوطنية التي ستشهد منافسة شديدة من الشركات العقارية الإقليمية والعالمية التي بدأنا نرى بوادرها في أوائل عام 2006م.
ويمكنني القول: إن تأخر إيجاد البدائل التمويلية يعني مصيبتين (وليس مشكلتين): الأولى تراكم الطلب على المنتجات العقارية، والإسكانية منها على وجه الخصوص، ولهذا إفرازات سلبية لا حاجة لتكرارها, والثانية هي ضياع الفرصة على المطوِّر العقاري السعودي لصالح المطور العقاري الأجنبي, وهذه ما لا يرضى بها أي عاقل؛ لما لها من آثار سلبية متعددة.
أسوأ بدائل التمويل
* تتحدثون عن البدائل التمويلية للقطاع في ظل أن الكثيرين يعتقدون أن القطاع العقاري حظي بأفضل وسائل التمويل على الإطلاق، وهي المساهمات العقارية، وعلى رغم ذلك لم يُفعِّل العقاريون تلك الآلية ولم يحققوا شيئاً يُذكر.. كيف تردون علي ذلك؟
- بدايةً، أود أن أوضح أن المساهمات العقارية هي من أسوأ بدائل التمويل بالنسبة للمطورين العقاريين؛ حيث تعتبر تمويلاً عالي الكلفة (25%- 30%) مقارنة بالسندات (3%- 6%) والقروض التقليدية (4%- 7%) والصناديق الاستثمارية (10%- 15%), ولكن نتيجة لعدم وجود آليات تمويل أكثر سهولة منها اتجه لها العقاريون في الفترة التي شهدت فيها تجارة الأراضي انتعاشاً كبيراً؛ حيث كان من الممكن تحقيق أرباح كبيرة تتعدى الـ50% من تطوير الأراضي الخام إلى أراضٍ صالحة للسكن, ولقد تم تطوير مئات الملايين من الأمتار المربعة نتيجة ذلك، حتى أصبح العرض أكبر من الطلب بكثير, وبخلاف تطوير الأراضي الخام في المساهمات العقارية لا تعتبر تمويلاً مناسباً البتة بالنسبة لتطوير المشروعات العقارية الأخرى (الإسكانية, التجارية, السياحية)؛ حيث إن كلفة التمويل من خلال المساهمات العقارية قد تستهلك كامل ربح المشروع.
البدائل!!
* في ظل عدم فاعلية المساهمات العقارية كأداة تمويل لمشروعات التطوير العقارية كما أشرتم كيف تعاملتم في الشركة مع هذه الآلية مع يقينكم أنها الأسوأ؟ وما البدائل التمويلية التي لجأتم إليها لتنفيذ استراتيجيتكم؟
- نعم، منذ أن انتقلنا إلى مرحلة تطوير المساكن بعد أن أثبتت الدراسات التي نقوم بها أن تطوير الأراضي الخام سيصبح غير مجدٍ في نهايات عام 2004م أوقفنا إطلاق المساهمات العقارية وبدأنا في تصفية السابق منها, وقمنا بعدة إجراءات للتغلب على شح مصادر التمويل العقاري, فحولنا الشركة إلى مساهمة مقفلة بعد أن رفعنا رأس مالها نقداً إلى 5.4 مليارات ريال سعودي؛ ليكون لديها ملاءة مالية تمكِّنها من تسيير مشروعاتها من ناحية، ومن تطوير إمكانياتها الفنية والمالية والإدارية والتسويقية من ناحية أخرى؛ لتصبح مؤهلة لدى كافة الجهات التمويلية للحصول على التمويل بكافة صيغه المتاحة (مرابحة, صكوك إسلامية, صناديق استثمارية.. إلخ)، ولقد وفِّقنا في ذلك وقمنا بتمويل مشروعاتنا بكافة الصيغ المتاحة من داخل وخارج البلاد.
ودعني أتحدث هنا عن أحد أهم مصادر التمويل، وهو رأس المال المدعوم بالبيع المبكر (على الخريطة أو أثناء أي مرحلة من مراحل الإنشاء), وهذا ما لجأت إليه الشركة وحققت نجاحاً كبيراً في تسويق الوحدات السكنية التي نفَّذتها؛ حيث طرحت شعار (ابْنِ بيتك بنفسك), وبالطبع فإن هذه الصيغة على رغم لجوء معظم الشركات العقارية العملاقة إليها لانعدام كلفة خدمة الدَّيْن بها إلا أنها غير كافية كصيغة تمويلية منفردة, بل يجب تعزيزها بآليات تمويل أخرى, وبخاصة إذا علمنا أنه يجب تقديم تخفيضات سعرية بالوحدات السكنية لمن يشتري مبكراً؛ مما قد يؤثر في نسبة الأرباح بطريقة أو بأخرى. وقد لجأنا بعد ذلك لصيغة الصناديق الاستثمارية؛ حيث شاركنا في طرح أكثر من صندوق استثماري في دول الخليج، ووفرنا تمويلاً خارجياً كبيراً لمشروعاتنا العقارية ولله الحمد. وهنا مفارقة عجيبة؛ إذ إننا اضطررنا لتوفير التمويل من الخارج وبلادنا تغصُّ بالسيولة التي تبحث عن فرص استثمارية.
الصكوك الإسلامية
* كنتم قد أعلنتم عن العزم على تطوير 65000 وحدة سكنية باستراتيجية التطوير الشامل خلال الخمس سنوات، فهل تتصوَّرون أن آليات التمويل التي توصلتم إليها كافية؟ وما الآليات التي تتطلعون إليها لتحقيق ذلك؟
- نعم، إن تطوير 65000 وحدة سكنية يحتاج حسب تقديراتنا لـ36 مليار ريال، وهذا مبلغ كبير يستدعي دورة رأسمالية متكررة وسريعة وفعالة؛ لذا فإننا بالتنسيق مع الشركة الشقيقة (مملكة التقسيط) بذلنا جهوداً كبيرة لتفعيل الصكوك الإسلامية (السندات) خارجياً كمرحلة أولى؛ لكي نستطيع تطبيقها محلياً بهدف إيجاد أرضية صلبة لنظام الرهن العقاري الذي وجَّه خادم الحرمين الشريفين - أيده الله - بالتعجيل في إصداره. ولقد وفِّقنا بدعم (مملكة التقسيط) في إصدار الصكوك الإسلامية خارج البلاد بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية التابعة لمجموعة البنك الدولي. وعلى كل حال، فإن توفير مبلغ 36 مليار ريال يستدعي توظيف كافة الصيغ التمويلية المتاحة بما فيها البيع المبكر للوحدات السكنية قبل استكمالها نهائياً.
رأي لا يرضي عاقلاً!!
* تتحدثون عن آليات تمويل المشروعات في حين أن البعض يتحدث عن أهمية الاستثمار برأس المال.. كيف تردون على مثل هذا الرأي؟
- للإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتساءل: لماذا تحتاج الشركات إلى التمويل؟ والإجابة لأمرين: الأول هو لتوفير المال اللازم لتمويل المشروعات, والثاني لتعظيم العائد على الاستثمار أو ما يسمى تعظيم كفاءة رأس المال. والتمويل من خلال كافة الصيغ المتاحة يحقق الهدفين, أما الاعتماد على أموال الشركة فيعني مشكلتين: الأولى تقليص مشروعات وأنشطة الشركة بما يتناسب وحجم الأموال المتاحة, والثانية تخفيض العائد على رأس المال, وكلاهما لا يرضى بهما عاقل.
* إذا كانت مصادر التمويل التقليدية شحيحة فلا شك أن مصادر التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أكثر شحاً, فكيف نجحتم في تمويل مشروعاتكم بطرق شرعية؟
- بادئ ذي بدء، أود أن أؤكد أن التزام شركة (دار الأركان) بالمعاملات المالية الإسلامية مبدأ لا يمكن الحياد عنه، وقد صدرت بذلك توجيهات واضحة من مجلس الإدارة, ونحن كمسلمين نؤمن بأن البركة تحصل باتباع تعاليم ديننا الحنيف, وأن الربا ممحوق مهما عظم. وعلى كل حال، فإن الجهات التمويلية المحلية والعالمية أصبحت أكثر اطلاعاً وتفهماً للمعاملات المالية الإسلامية وأدخلتها ضمن أنظمتها المصرفية؛ مما يسَّر عملية الحصول على التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية أكثر من السابق بكثير.
تمويل إسلامي
* وقَّعتم مؤخراً عقد مرابحة إسلامية بقيمة 810 ملايين ريال مع مجموعة سامبا المالية, هل يمكننا معرفة تفاصيل أكثر حول هذا العقد؟
- تحدث الطرفان بعد توقيع العقد للصحافة حديثاً يعبِّر عن واقع التعامل بينهما ورغبتهما في تحقيق مصالحهما المشتركة المتناغمة مع المصلحة العامة وخدمة المجتمع. ومجموعة سامبا المالية ذات إمكانيات كبيرة وخبرات عريقة، لجأنا إليها للتعاون في تمويل مشروعاتنا الكبيرة بصيغ إسلامية, وقد لبَّت (سامبا) طلبنا بعد أن لبَّيْنا معاييرها للحصول على هذا التمويل الكبير دون المرور بمراحل تمويلية متعددة كما هو متعارف عليه؛ فقد استطعنا في شركة (دار الأركان) أن نثبت جدوى مشروع القصر الاقتصادية، وقدرتنا الكبيرة على إدارة المشروع من خلال عمليات إدارية متطورة ودقيقة, إضافة لملاءتنا المالية التي تمكِّننا من الوفاء بالتزاماتنا المالية في الأوقات المتفق عليها.
سباق الزمن والمنافسة
* كلمة أخيرة تودُّون توجيهها؟
- لديَّ كلمة أود أن أوجهها للقائمين على الأمور المالية في بلادنا بأن يأخذوا عنصر الوقت كعنصر حاسم في إصدار التشريعات والأنظمة واللوائح اللازمة لتنويع آليات التمويل, فنحن في سباق مع الزمن والمنافسة مع الآخر الذي ينعم ببيئة استثمارية محفزة ومشجعة أصبحت لصالحه على حسابنا, وهذا سيشكل خطراً على اقتصادنا الوطني؛ لذا أرجو أن تكون المؤسسات المنظمة للتعاملات المالية واعية لأهمية وخطورة دورها في تعزيز قوة المؤسسات الوطنية التنافسية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved