Sunday 25th June,200612323العددالأحد 29 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"قضايا عربية في الصحافة العبرية"

شبكة مليئة بالثقوب شبكة مليئة بالثقوب
بقلم: جاكي حوجي

للوهلة الأولى، تبدو هذه فرصة أهدرت، أما عمليا فهي قصة رومانسية أكثر من أن تكون مقنعة. ففي عام 2003، بعد 24 سنة، فإن ما تبقى من الثورة الإسلامية في إيران هو أساسا شعارات تضع الولايات المتحدة على رأس قائمة أعداء الإنسانية. ومبادرة التقرب الإيرانية، في اللحظة الحرجة التي كان الجيش الأمريكي فيها يجتاح بفظاظة قلب الشرق الأوسط كانت تلقي بالظل على الثورة بل وتدفعها إلى شهقات النزع الأخير. فالأنظمة الثورية تحتاج إلى أعداء. وعندما يوجد العدو، يكون هناك من يمكنه أن يرص صفوف الجمهور. أما في ظل غياب هذا العدو، فما هي قيمة الثورة؟.
من وجهة النظر الغربية، يدور الحديث بالطبع عن أمر مسلَّم به. فالتقرب إلى أمريكا كفيل بمنح طهران جملة من الهدايا المغرية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا من النوع الذي تحتاجه معظم بلدان العالم. ولكن النخبة الحاكمة في إيران لا تفكر على هذا النحو. فأيديولوجياً، يدور الحديث عن أشخاص يرون أمريكا مصدر الكفر على وجه الأرض. وهم واثقون من أن العالم سيكون أفضل إذا ما أدارته الشريعة الإسلامية. هكذا برأيهم ينبغي أن تكون الديمقراطية. وهم يستيقظون كل صباح حاملين هذا الإيمان.
القصة التي كشفت النقاب عنها صحيفة (واشنطن بوست) تشبه شبكة مليئة بالثقوب، حيث إنها لم توضح من بعث الوثيقة في إيران؟ ومن تلقاها في الجانب الأمريكي؟ ولماذا اختفى اسم الشخصية التي وقعت عليها؟ فإذا كان هؤلاء مثلا هم رجال محمد خاتمي، الرئيس في حينه، فما لهم وشؤون الخارجية والأمن؟ فهم عديمو الصلاحيات. ولو كان عرف الزعيم الأعلى علي خامنئي بالاقتراح، فمعنى الأمر أنه سيكون قد تدارسها كثيرا قبل أن يعطي الضوء الأخضر.
وإذا كان هذا هو الحال، فلماذا اكتفى الإيرانيون ببطاقة صغيرة؟ فكل غر دبلوماسي يعرف أن الاقتراحات التي تشق الدروب تطرح بسرعة كتابة. الرئيس المصري أنور السادات أذهل العالم عندما وصل في نوفمبر 1977 إلى القدس، ولكن رحلته لم تبدأ عشوائية، بل بسلسلة محاولات لجس النبض عبر تصريحات علنية، تجنيد طرف ثالث (حسن الثاني ملك المغرب) ولقاء سري وجها لوجه بين ممثلين من الطرفين. أما في الحالة الإيرانية، فالاستعانة بالسويسريين غريبة بالضبط مثل الرسالة الخطية. فلمثل هذه الخطوات لا يحتاج الأمر إلى عريس وعروس بل إلى وسيط ذي قامة.
إذا كان هناك وثيقة، ولكن ليس فيها الكثير من المنطق، فما الذي حصل هنا؟ أين المناورة اللامعة؟ إيران تعلن عن استعدادها للتنازلات، ولكن في واقع الأمر تسعى إلى (تنويم) العم سام لبضع سنوات. وستحاول في أثنائها تحقيق هدفين وطنيين: التقدم في البرنامج النووي والسيطرة الهادئة على العراق. هذان الهدفان يقفان على رأس السياسة الإستراتيجية لإيران حاليا. وفي كليهما تسجل نجاحا واعدا، ولكن بثمن مكلف جدا.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved