أختي الكريمة الأستاذة نورة الخويطر اطلعت على موضوع (نظرة تجاه التخطيط التربوي) الذي خطه يراعك في عدد الجزيرة رقم (12293) الصادر يوم الجمعة 28 ربيع الآخر 1427هـ، الذي تميز بعمق الطرح وكشف عن حرصك على مصلحة العمل التخطيطي، ويسعدني هنا أن أضيف:
إن مما يندى له الجبين أن نرى الكثير من الأنظمة التعليمية التي من حولنا تحقق المزيد من النجاحات في الميدان التربوي، على الرغم من أننا سبقناها بعقود في مجال التطوير التربوي، بينما تجدنا نزعم من حقبة لأخرى أننا نصحح أخطاء بعضنا البعض. وذلك يعود إلى سيطرة إستراتيجية العمل الفردي والتي ترتبط بشخصية المسؤول واعتماد تطوير العمل التربوي عليه.
فإذا ذهب هذا المسؤول وأتى آخر أخذ يعدل مسار السفينة من الاتجاه الذي حدده سلفه إلى الاتجاه الذي يراه صحيحا!! ونبقى في هذه البوتقة من عهد لآخر.
وما دمنا نعتمد على هذه الإستراتيجية فلن يكون هناك تخطيط، بل إن هذه النبتة لن نراها شجرة تزهو بورودها في ميداننا التربوي، ولن نتذوق ثمرها البتة.
لقد أثبت العمل المؤسسي دوره في تطوير العمل التربوي في الكثير من الأنظمة، وذلك يعني أن العمل لا يرتبط بشخصية المسؤول ولا بقناعته الشخصية بقدر ما يرتبط برأي الأغلبية المتخصصة في توجيه سير العملية التعليمية، وهذا ما ينقصنا مع الأسف الشديد. ولا ننسى قول الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام (أنتم أعلم أمور دنياكم) حيث ضرب أروع واصدق مثال لبقول الرأي الآخر ولمبدأ التخصص، بل إن ذلك يثبت مبدأ الاعتراف بالتخصص، والذي مع الأسف لا يعترف به العديد من المسؤولين بشكل عملي يؤثر على اتخاذهم للقرار.
لقد غلب على العديد من التوجيهات لدى المسؤولين قوله تعالى: {مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ} وفي رأيي المتواضع أن ذلك لا يعود للمسؤول بقدر ما يعود إلى المرؤوسين الذين اعتادوا على قول (نعم) بشكل آلي دون النقاش المنطقي والهادف مع المسؤول الذي يؤدي إلى اتخاذ القرار الصحيح.
إن ما ذكرته يا أستاذة نورة من دعامات تساهم بعد عون الله تعالى في تسارع نجاح التخطيط في الميدان التربوي يمثل جوانب تنفيذية مهمة جدا، ولكن في ظني أننا بحاجة إلى ثورة فكرية تجاه العلاقة بين الرئيس والمرؤوس ينتج عنها إعادة بناء لهذه العلاقة تعتمد على مبدأ (تعمل معي) وتتخلص من المبدأ الشائع (تعمل عندي) وتعتمد على النقاش الهادف الذي يصل إلى نتيجة تمثل جميع العاملين ولا تعتمد على الطاعة العمياء أو إبداء الرأي على استحياء.
وهذا سيضمن بإذن الله قطف ثمرة الالتزام من قبل الجميع بل والدفاع عن القرارات المتخذة من قبلهم، وفي ظني أننا لن نرى مجددا مختلف الألوان التي تظهر وتختفي بظهور واختفاء المسؤولين، وسنرى لونا واحداً يمثل الجميع لا يتأثر بتغيير الأفراد.
وحينما نصل إلى هذا المستوى من العلاقة، أعتقد وبقوة أن عملية التخطيط سوف تكون تحصيل حاصل يلتزم به الجميع، ذلك لأنه يعتمد على مبدأ المشاركة المسؤولة من قبل الجميع. بل لن نسمع بعد ذلك مصطلحات (أعددت، وعملت) وسوف نسمع (أعددنا، وعملنا).. والله من وراء القصد.
سليمان بن علي الكريدا/ الرياض |