هل من نهاية للنفق العراقيّ المظلم؟

غالبية إن لم تكن جميع الأسئلة التي تطرح عند ذكر مقتل أبي مصعب الزرقاوي، تدور حول: ماذا بعد مقتله؟ هل سينتهي العنف أم سيظل على حاله، أم ربما سيزيد - كما يرى بعض المحبطين من الوضع المأسوي في العراق؟ ولا شك أن هذا السؤال أهم من الأسئلة الأخرى حول كيفية العثور عليه والكيفية التي قتل بها، وما إلى ذلك من أسئلة حول ملابسات مقتله؛ فالرجل لقي مصرعه وانتهى وأسدل الستار عليه، وهاجس العراقي البسيط منذ الاحتلال الأمريكي لبلاده، هو: متى سأصحو من كابوس العنف المرعب والجاثم على قلبي، وأعيش آمناً مطمئناً على نفسي وعلى أقربائي؟
المسؤولون الأمريكان يقولون إن الغالبية العظمى من الهجمات المسلحة يقوم بها عراقيون وليسوا إسلاميين أجانب؛ وبالتالي، فإن أعمال العنف لن تنتهي بمقتل زعيم تنظيم القاعدة في العراق؛ فالرئيس الأمريكي بوش ووزير دفاعه رامسفيلد والسفير زلماي خليل زاد أكدوا في تصريحاتهم بُعيد مقتل الزرقاوي أن العنف مستمر، دون تحديد إلى متى، وكيف سيتنهي!
والغريب أن هذه التصريحات تأتي بعد أن كانت الولايات المتحدة تحمل الزرقاوي وجماعته جزءاً كبيراً من مصائب العراق اليومية، لدرجة أن الإدارة الأمريكية خصصت 25 مليون دولار مكافأة لمن يساعد بأي طريقة كانت في القبض على الرزقاوي، وهذا المبلغ يوحي بأن القبض عليه يعني انتهاء جزء كبير من العنف في العراق المنكوب. في حين أن التصريحات الأخيرة تقلل بطريقة أو بأخرى من شأن مقتله.
وبعد أن قتل أبو مصعب الزرقاوي الذي ضمّ مجموعته جبهة التوحيد والجهاد إلى تنظيم القاعدة عام 2004م، سرعان ما ترددت أنباء عن خليفة جديد له. وقد دأب تنظيم القاعدة على المسارعة إلى التصريح باسم خليفة لمن يقتل من قادته للتخلص سريعاً من الارتباك الذي يقع عادة بعد مقتل القائد، ولضمان استمرار أعمال التنظيم المسلحة، وعلى نفس الوتيرة من العنف والدموية.
وهذا يعني أن ملء الفراغ الذي تركه الزرقاوي في تنظيم القاعدة في العراق بقائد آخر قد يفقد المكاسب التي حصلت بمقتله قيمتها؛ فالهدف المفترض من مقتل أبي مصعب الزرقاوي هو إنهاء أو تخفيف العنف إلى حد بعيد، وترك مساحة أوسع ومتنفس أكبر للعملية السياسية؛ لكي تتطور لصالح العراق، وإعطاء فرصة للحكومة العراقية الجديدة للعمل على تنمية العراق من جديد بعد كارثة احتلاله؛ ومن ثم إبطال أيّ عذر لبقاء قوات التحالف في العراق.
إن تصريحات الأمريكان حول استمرار العنف، وبيانات القاعدة بشأن استمرار عملياتهم المسلحة والأنباء عن القائد الجديد، لا تعطي - مع الأسف - المتابع الشعور بقرب نهاية مضيئة للنفق العراقي في المستقبل القريب.