Saturday 10th June,200612308العددالسبت 14 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

المنشود المنشود
يا وزير الصحة .. حدِّثني عن الوقاية!!
رقية سليمان الهويريني

ما فتئت أتحدّث عن الصحة كمسؤولية ذاتية لا بدّ من المحافظة عليها! أو ينبغي على المرء أن يسعى للحفاظ على نفسه وعدم توريدها موارد المهالك! فالصحة ما زالت ذلك التاج الذي يلمع فوق رؤوس الأصحاء لا يدرك نعمتها إلاّ من فقدها وتجرّع مرارة الألم ووطأة السقم.
وعليه، فلا بد أن ينام المرء جيداً وفي وقت باكر، ويتغذّى غذاءً مفيداً ونافعاً، وينظف بدنه داخلياً وخارجياً، أي يتفقَّد متطلَّبات جسده فيدخل له ما يقويه، ويطرح منه ما يؤذيه، وإن تعرَّض جسمه لطارئ من مرض أو عَرَض لمرض يبحث عن الأسباب ويعالجها بالطرق المناسبة التي تكفل له استمرار صحته وهدوء نفسه.
أقول ذلك لأرفع مسؤولية المرض ومسبِّباته عن كاهل وزارة الصحة، هذه الوزارة الضخمة المثقلة بالأعباء، والتي أتمنى أن تتحوّل بعض برامجها من علاجية إلى وقائية!
وحين أحدِّثكم عن الوقاية فإنّني أدرك أهميتها وتأثيرها الإيجابي على الصحة، إلاّ أنّ وزارتنا المهذَّبة لم تتوقّف لحظة أمام مصطلح (الوقاية) على الرغم من أنّ هناك وكالة للوزارة تحت مسمى الطب الوقائي! بينما لم نر إعلاناً واحداً في شارع أو عند إشارة مرورية أو أمام مستشفى أو مدرسة أو مسجد يحذِّر من مشروب يحتوي على السُّكَّر بنسبة كبيرة! ونحن من أكثر شعوب الأرض إصابة بمرض السكري! ولم نشاهد أو نسمع عن محاضرة توعوية أقيمت في مدرسة ابتدائية يلقيها ولو ممرض أو ممرضة مستجدّة تحذِّر بصدق ولوعة من مخاطر الحلويات والمشروبات الغازية، أو تقف فتفتش مقصف المدرسة لتقول هذا ممنوع وذاك ضار، أو حتى للتحذير لتقول: (والله لأعلِّم عليكم الوزير!).
يا وزارة الصحة نحن بحاجة إلى طب وقائي إيجابي فعَّال، يقف بشجاعة متعاوناً مع وزارة التجارة لمنع بيع كلِّ ما يضر الصحة كمشروبات الطاقة والتحذير من أكل الخبز الأبيض (تلك المادة الغروية) التي تلتصق بالأمعاء فتصيبها بالإمساك، وحسبكم من مريض يعاني من هذا الداء الوباء!! حيث أظهرت الدراسات التربوية المتعلِّقة بالصحة أنّ الإمساك أكبر هادم للذكاء والاستيعاب لدى طلاب المدارس. فهل فكرت وزارة الصحة -وهي تعلم - ما هي أبعاد مخاطر الخبز الأبيض الفقير بالنخالة (تلك المادة الغذائية الغنية بالألياف)؟! ولو أنّ لي دعوة مستجابة لدعوت الله لمجتمعي الحبيب بأن يلهمه الصواب ويمنحه من الرأي السديد ما ينفعه، وبالذات ما يتعلَّق في غذائه من مطعم ومشرب!
ومما يؤسف له أنّ المخابز ومحلات بيع الحلويات لم تكتف بهذه المؤامرة ضد أفراد المجتمع، فأضافت السكر إلى الطحين الأبيض، (الأبيضان ذلكما المهلكان) وأحدهما كافٍ لتدمير خلايا الدماغ وضياع الفكر!!
قد يتخيَّل القارئ الكريم أنّني أبالغ حين أطلق مصطلح (مؤامرة) ولكنه حين يفكر بتروٍّ وينظر بتمعُّن إلى أبنائه وأفراد أُسرته وكيف هم مدمنون على أكل الخبز بأنواعه وأشكاله وكأنّه الوجبة الوحيدة في بلادنا، على الرغم من أنّها تزخر بالخيرات من عسل مصفَّى وتمر مصنَّف من بلح ورطب ومكنوز، وخضار وفواكه شتى!! عندئذٍ يدرك كم هو مقدار لوعتي وألمي!
أفلا يستطيع وزير الصحة أن يظهر على المواطنين في وسائل الإعلام وغيرها وهو يتناول تمرة أو يقضم تفاحة ويقول: (تسألون عن الصحة؟ هذه هي الصحة!).
أقول ذلك وأنا أدرك حرص وزير الصحة د. حمد المانع واهتمامه .. ونحن المواطنين نشهد زياراته التفقدية للمراكز الصحية والمستشفيات في عدّة مناطق على حدٍّ سواء. إلاّ أنّنا نطمع بالمزيد وهو القادر على التمام بما يملكه من حسٍّ وشعور نبيل لأبناء هذا الوطن الحبيب.
ولعلكم تتفقون معي بأنّ انتشار المشافي وامتلاءها بالأَسِرَّةِ والمرضى ليس دليلاً على رقي المجتمع وحضارته بقدر ما هو مؤشِّر خطير على تهاوي أفراده وتردِّي صحتهم، ولو صُرِف ما يُنفق على سرير واحد على حملات توعوية جادة وصادقة وإيجابية، وأخذتْ بتوصياتها الوزارات المعنية وطُبِّقت بصرامة لتضاءلت أعداد المرضى. وبالتأكيد كلما فتحنا آفاقاً من الوعي أغلقنا مشفى يُدخل في قلوب مرضاه الهلع ويسرف عليهم بالأدوية، وقد يخرجون منه وهم ليسوا بأفضل مما دخلوا! فهل يحق لي أن أقول بعدها: يا وزير الصحة ... حدِّثني عن الصحة.

ص. ب 260564 الرياض 11342

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved