اليوم يتحدث الناس عن الأسعار.. عن ثمن المأكولات والأطعمة.. يشمل حديثهم السكر.. والأرز والحليب وغير ذلك من المستهلكات التي لا يمكن لبيت الاستغناء عنها بحال من الأحوال لأنها من أهم الضروريات اللازمة لهم.. فالإنسان.. أي إنسان في هذه الحياة لا يستطيع أن يستغني عن أي صنف من تلك الأصناف.. لا يستطيع أن يبيت بدون مأكل.. فلو قلت شهية إنسان منا في يوم من الأيام.. لسارع إلى أقرب عيادة طبية لإجراء الفحص اللازم.. من أجل إعادة الشهية له، وبدون الغذاء لا نستطيع أن نعمل أو أن نتحرك، لا نستطيع مزاولة نشاطنا والقيام بواجباتنا وأعمالنا اليومية المطلوب منا إنجازها.
لكن المشكلة.. بل في نظري أكبر المشاكل كونك جيد الشهية تأكل ما وقعت عليه يدك، غير أن شيئاً ما قد يحد من شهيتك وهذا الشيء هو ارتفاع الأسعار.. فالارتفاع في السعر هذه الأيام قد شمل معظم الأشياء الضرورية اللازمة لنا كالأرز والسكر والحليب.. فقد حكى لي بعض الباعة عند نقاش عادي دار بيننا عن حركة البيع وعن جودة البضائع وتوفرها بالأسواق.. فقال محدثي إن البضائع موجودة وبكميات كبيرة وليست هناك أية دلائل تشير إلى قلة الموجود بالأسواق من تلك المواد.. بل معظم مخازن التجار تفيض بالكثير من أكياس السكر والأرز.. وصناديق الحليب.. غير أنه من الملاحظ هذه الأيام ارتفاع السعر لهذه الأشياء.. سألت محدثي عن السكر.. فقال إنه الآن في ارتفاع مستمر فالكيس تزيد قيمته على المائة والعشرين ريالاً.. كيف.. مائة وعشرين ريالاً..؟!
أعاد محدثي كلامه مؤكداً لي ذلك.. ومن باب النصح والمحبة لي قال إذا كان موجودك من السكر والأرز قد أوشك على النفاد فعليك بالمبادرة في شراء ما تحتاج من هذين الصنفين لأنني أخشى من ارتفاع السعر أيضاً.. شيء غريب.. البضائع متوفرة في الأسواق.. الإقبال على شراء الحاجيات لم يطرأ عليه جديد.. عرض السلع ثابت.. نسبة الطلب عليها لم تتغير.. الدولة رعاها الله لم تأل جهداً في سبيل دفع الإعانات للتجار من أجل ضمان ربح ثابت لهم ومن أجل إعانتهم على توفير السلع والمواد في الأسواق بكميات كافية وأسعار معقولة.. إذاً ما هو الدفاع أو العامل الأساسي لوجود هذا الارتفاع في الأسعار، أنا لست متأكداً من الدافع لذلك، لكنني أعتقد أن العامل الأساسي لهذا الارتفاع الملحوظ تمسك التجار بالبضائع.. وتخزينها في مخازنهم ومستودعاتهم بحيث يوهمون ضعف النفوس من بائعي القطاعي أن هناك قلة في الكمية الموجودة من البضائع فيندفع هؤلاء الباعة في الإقبال على شراء كمية كبيرة من السلع تزيد عن حاجتهم وهم بدورهم ومن حيث لا يشعرون يمنعون التاجر أو المورد إلى رفع السعر تلقائياً طالما وأن هناك إقبالاً شديداً على الشراء.. وبطبيعة الحال فإن بائعي القطاعي بدورهم أيضاً سيرفعون السعر على المستهلك المسكين بحيث يضمنون لهم ربحاً ملحوظاً وكبيراً عن الربح المألوف بحجة ندرة هذه السلعة أو شيئاً من هذا وهذه العوامل مجتمعة أدت إلى إقبال الناس على الشراء لأنهم يريدون أن يوفروا أهم احتياجاتهم الضرورية وهي الغذاء مهما كانت أسعاره. لذا نهدي لوزارة التجارة والصناعة هذا الحديث، ونرجو أن تعمل من جانبها ما تراه مناسباً وأن تتخذ من الحلول أفضلها في سبيل توفير السلع للمستهلكين بالأثمان المناسبة، وأريد في نفس الوقت أن تتدخل الوزارة في ذلك وأن تكلف المختصين بها بالقيام بجولات في الأسواق ما بين وقت وآخر للوقوف على الأسعار ومعرفة مدى اعتدالها.. ومن ثم رفع التقارير اللازمة والتي تسفر عنها هذه الجولات للمسؤولين بالوزارة ليكونوا على علم بكل دقيقة وجليلة عن الأسعار.. كما أرجو وألح في الرجاء أن تشمل هذه الجولات مخازن الموردين المعروفين لمعرفة وإحصاء الكميات الموجودة بها من البضائع، وتاريخ وجودها ومقدار التكلفة التي دفعت عليها حتى وصولها المخازن ومقدار الكميات المصروفة من كل صنف والسعر المباع به ليمكن معرفة مدى اعتدال الأسعار التي يبيع بها التجار ومن ثم تقييم الوضع ومعرفة حركة السوق ونسبة الاستهلاك.
|