* كتب- عبد الله المالكي:
كانت تصفيات كأس العالم المقرر انعقادها في الأرجنتين صيف العام 1978 بداية الحضور للأخضر في كأس العالم، يومها لم يكن الطموح ينتهي بالوصول إلى بيونس أيرس حيث تقام النهائيات، ولم يكن رياضي واحد يتوقع أن يحط الصقر الأخضر رحاله وسط أباطرة الكرة في العالم، يومها كانت المشاركة السعودية واحدة من مراحل التأسيس القوي لكرة أصبحت بعد ستة أعوام حديث القارة الآسيوية.. وبعد ستة عشر عاماً حديث العالم في مونديال أمريكا 94م. في تلك التصفيات وقبل 28 عاماً كانت الكرة السعودية في مرحلة البدايات، لا تزال تحبو بين أقرانها.. لكن عين الصقر الأخضر كانت تشق المسافات وهي تنتظر أن يقوى عوده ويشتد بأسه ويكون قادراً على فرض حضوره وجعل منافسي اليوم خلفه في الغد..
*******
في تلك الحقبة من الزمن لعب منتخبنا الأول أربع مباريات في التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال الأرجنتين، وكان في مجموعة ضمت إلى جانبه الفريق الإيراني صاحب (الصولات) آنذاك.. وكانت التصفيات فرصة للاحتكاك بمثل هذا الفريق العنيد.. كما ضمت المجموعة الفريق السوري الشقيق.. ولم يكن جديداً ولا غريباً ولا مثيراً للقلق أن يخسر الأخضر من إيران في الرياض وطهران.. وكان قد تبادل الفوز مع الفريق السوري في جدة ودمشق برقم واحد للمباراتين (1-2).
انتهت قصة البداية الأولى سريعاً، ولئن كان الأخضر قد خسر الوصول من المحاولة الأولى، إلا أنه كسب أشياء أخرى (فلا بد دون الشهد من إبر النحل)..
لقد كانت المشاركة الأولى النافذه المطلة على المونديال.. وإن غاب الأخضر وبقي مع غيره بطلاً من بعيد على عمالقة الكرة.. فإنه كان في الجانب الآخر يؤسس لمرحلة مقبلة أصبح من خلالها أحد صانعي المتعة والحضور وشريكاً في الحضارة الكروية العالمية.
***
مرت السنوات الأربع سريعاً.. كانت خلالها آلية تطوير الكرة السعودية تحث الخطى في سباق عجيب مع الزمن، كان مسيرو الكرة السعودية يرفضون العمل بتروٍ وهدوء وترقب فقط.. كانوا يريدون التروي والهدوء والترقب المشروط بالحكمة العربية القائلة: (لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد).
إنه العام 1982 الذي يبدأ وسط زمهرير الشتاء.. والعالم ييمم وجهته نحو جنوب القارة العجوز حيث إسبانيا التي تستعد لاستضافة المونديال في صيف ذلك العام..
في التصفيات الآسيوية لذلك المونديال بدأت تتشكل ملامح الكرة السعودية.. وبدأ العمل المتفق يفرض إيقاعه.. يومها بدأ السعوديون بانتظار مرحلة قطف الثمار.. يومها سجل الأخضر حضوراً مميزاً في المرحلة التمهيدية ونجح باقتدار في الفوز على العراق وسوريا والبحرين وقطر وبلغ المرحلة الثانية من التصفيات.. كان عليه أن يلعب مع الكويت و الصين ونيوزيلندا.. كان هذا الثالوث من أقوى الفرق الآسيوية ولا سيما الكويت الذي ما زال فريقه في تلك التصفيات ساكناً في عقول أبناء البلد الشقيق.. كان الفريق الكويتي مرعباً يعيش أزهى عصور مراحله الذهبية ويكفي القول إنه وصل إلى مدريد بجدارة..
كان السعوديون.. يأملون بفعل شيء في التصفيات، لكنهم يرفضون تجاوز واقعهم.. كانوا واقعيين فعلاً يدركون أنهم ما زالوا في مرحلة غرس البذور.. أما قطف الثمار فلم يحن وقته.. كما أن قطف الثمار قبل يومه ربما يجعل طعمه علقماً ويؤثر في المستقبل وخططه.. لم يكن جديداً.. ولا خروجاً عن المألوف أن يخسر الأخضر مباراتيه مع الكويت في الرياض والكويت ومن الصين على ملعبها.. لكن النتيجة القاسية كانت خسارته من نيوزيلندا (5-0) في الرياض وهي التي تعادل معها في أوكلاند (2-2)...
خرج الأخضر من التصفيات وبقي بعيداً يراقب المشهد العالمي.. لكن العود اشتد، وبدا الحصاد وكان الخيار التالي.
|