كلما أردت أن أبتعد عن الكتابة حول الأسهم دفعني شغف الناس بالحديث حولها أن أكتب شيئاً مما يقولون وأنقل للقارئ الكريم بعضاً مما يفكرون به حيال هذا الفتح الجديد عند الكثيرين والذي ملأ جيوبهم بالمال فترة ثم أفرغها، وما زالوا متمسكين به لعله يملؤها مرة أخرى دون عناء العمل الجاد، وأنماط المغامرات غير المحسوبة.
أحد الأصدقاء قال لزملائه وأنا أستمع إليه لقد خسرتم الكثير في سوق الأسهم ويمكنكم استيراد خسائركم (بالطقطقة) في بعض الأسهم المتحركة من أسهم (الخشاش) فهي التي يمكنها أن تعيد لكم سالف ربحكم. وأردف قائلاً: عليكم أن تغضوا الطرف عن وضع الشركة المالي أو خسائرها القائمة وخسائرها المتراكمة الكبيرة جداً، وعليكم ألا تنظروا إلى احتمالات تغطية تلك الخسائر من عدمها وكم عدد السنين اللازمة لذلك مهما كان مجلس إدارتها الحالي أو القادم عليكم فقط أن تنظروا إلى مقدار تذبذبها والاستفادة من ذلك التذبذب دون الالتفات إلى وضعها من منظور اقتصادي.
تطفلت على الحضور وقلت إن ما تدعو إليه يشبه القمار وليس طقطقة، فليس هذا بيعاً وشراء على أسس اقتصادية وإنما هو عبث بالمال قد يجلب الربح هذا اليوم ليفقدك ما جنيت في اليوم التالي وكأنما هو قمار مستتر، لا يمكن أن استوعب أن تقفز أسعار بعض من الشركات الخاسرة والمتراكمة الخسائر في فترة شهر واحد ثلاثة أضعاف دون سبب مقنع ورؤية اقتصادية، إن هذا النمط من السلوك الاستثماري ضار بالفرد والمجتمع والاقتصاد، وما أراه إلا نمطاً استثمارياً عبثياً كحال المقامر الذي لا يستطيع مفارقة طاولة القمار حتى وإن علم أن المحصلة النهائية هي الخسارة المحققة.
المشكلة الكأداء أن عدداً غير قليل من الأفراد والجماعات يحمل هذه الرؤية بين ناظريه ويستخدمها على حساب عمله الأصلي ونشاطه الاقتصادي وأسرته ومن يعولهم ثم يلتفت إلى الأقارب والأصدقاء طالباً النجدة بسلفة أو منحة أو هدية تهدى إليه ونسي أنه قد أضاع ماله فيما لا يفيد وسيضيع عمره وجهده دون طائل يذكر.
هذا الفرد الذي امتطى هذا النمط الاستثماري غير السليم يلتفت يمنة ويسرة ليصب جام غضبه على البنوك وهيئة سوق المال والأنظمة وغيرهم من ذوي العلاقة المالية، وقد يجره خياله إلى البحث عن نظرية المؤامرة ليحمِّلها وزر ما ارتكب.
هذا النمط من التفكير يجب إزالته من أذهان الناس بالإعلام المدروس والمسؤول المعني والمزيد من الشفافية، وليس بظهور عدد من المحللين الذين نتمنى لهم التوفيق غير أن ما يقولونه لا يصب في الاتجاه التثقيفي الجريء الذي يدفع بالناس إلى الاستثمار وليس ما يشبه القمار.
أعلم أن الكثير يريد أن يسترجع أكبر قدر ممكن من المال الذي خسره في سوق الأسهم وبأسرع وقت ممكن، لكنه نسي أن ما يقوم به هو مزيد من المغامرة أو إن شئت قل المقامرة غير المحسوبة التي قد تزيد خسائره خسائر أو قد تغطي جزءاً من خسائره لكن نسب أولئك الذين قد تساعدهم الصدفة المحضة قليلة جداً.
هل يقبل البعض أن يقنع أن ما خسره قد انتهى وعليه أن يكون مستثمراً جيداً في مجالات بعيدة عن سوق الأسهم، ومن لديه فائض من المال ويرغب في البقاء في السوق أن يضعه في أسهم ذات عوائد جيدة ويتركها بضع سنوات لتعطيه ثمراتها يانعة جيدة بعد حين، بدلاً من استهلاكها لو بقيت لديه نقداً دون استثمار.
سيظل السوق يسير بخطى غير منطقية إذا كان المستثمرون غير منطقيين في سلوكهم الاستثماري، فالسوق يجسد فكر المستثمرين وأنماطهم الاجتماعية والنفسية.
سيرى بعض الأفراد مزيداً من المعاناة إذا استمروا بهذا النمط من التفكير، ومن المستحسن أن يغيِّروا هذه الأنماط الاستثمارية بنمط يحقق لهم ربحاً بأقل مخاطرة.
والله ولي التوفيق.
|