توفي الزميل المبدع، بعد رحلة مع العشق ولدت معه، وعاشت فيه، وأمضى من أجلها عمره المهني، وبقي أميناً لها، يصحو معها، ويتنفس هواءها، ويعيش يومه إلى جوارها، حتى فارق هذه الحياة وهو في أحضانها ممسكاً بأصابعها متدثراً بعباءتها.
كان واضحاً منذ البداية، أن سعداً، وإن اشترك مع زملائه في حبهم لعملهم وولائهم له، وصبرهم وتحمّلهم ومثابرتهم، فإنه كان يختلف عنهم، فلقد تحوّل حبه إلى عشق، بل إلى هيام، يذكر في اندماجه وانهماكه فيه، بقصص المتيَّمين: قيس، وجميل، وكثيِّر، وأمثالهم.
كان -رحمه الله- شحنة من الإبداع، طاقة من الفن، ودفقات من الحب لا يفكر إلاّ في معشوقته، لم يتطلع إلى وجه أخرى، ولم يغيّر موقعه منها، ولم يفكر في التحول عنها، ولم يجرّب بديلاً عن منازلها، ولم يستظل بعروش عنب غيرها.
هذا هو (الحائلي) سعد الفريح، الذي بدأ مع التلفزيون وانتهى فيه، وولد مع إلابداع ومات من أجله، وخدم رسالة الإعلام وتوفي وهو في خدمته، وعندما أقول (الحائلي) فلأن هذا الجهاز (التلفزيون) الذي بُذرت نواته قبل أربعين عاماً، كان غرساً وطنياً شارك في سقياه ورعايته والعناية به كل إقليم من أقاليم هذه المملكة الغالية، وتمثلت فيه وحدة هذا الوطن، وتآخى فيه كل صقع من أصقاعه ونواحيه.
لقد كان سعد الفريح، عاشقاً مختلفاً في علاقته بمعشوقته، منقطعاً - لدرجة البوهيمية، متسامحاً، لا يضمر، ولا ينافق، ولا يأبه بالأضواء، ولا يتزلّف، ولا يهتم بمنفعة أو ترقية أو منصب.
.. أفلا يستحق مثل هذا أن يخلّد التلفزيون اسمه؟!
|