Wednesday 7th June,200612305العددالاربعاء 11 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الاقتصادية"

الاقتصاد.. تخصص يُدَّعى لذاته أم لغيره (1-2) الاقتصاد.. تخصص يُدَّعى لذاته أم لغيره (1-2)
د. محمد اليماني

سألني أحد الطلاب عن رأيي في أنسب تخصص يمكن أن يختاره من بين التخصصات المتاحة في قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية بجامعة الإمام. وبعد المقدمة المعروفة في هذا الشأن، سألته السؤال التقليدي عن التخصص الذي يرغبه، فردَّ وبدون تردد: الاقتصاد، ثم اتبعت السؤال الأول بآخر تقليدي مثله عن السبب وراء هذا الاختيار على الرغم من نفور كثيرين منه، فذكر لي أنه ومن خلال متابعة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها وجد أن الاقتصاديين - أو من يظنهم كذلك - هم الأكثر حضوراً في وسائل الإعلام وخاصة المرئية منها، وهم أيضاً ذوو حظوة في المجالس والاجتماعات.
وبدا واضحاً من كلام أن اختياره لهذا التخصص ليس مبنياً على رغبة حقيقية وإنم لما يضفيه على صاحبه من مكانه ووجاهة وفقاً لتقديره.
أوردت هذه القصة لأصل إلى حجم المعاناة التي يعيشها المجتمع مع هذا الجيش ممن ينظر على أنهم اقتصاديون ماليون ومحللون وخبراء في شؤون المال والأعمال والذين ظهروا ما بين ليلة وضحاها، ويعود الفضل في ذلك إلى سوق الاسهم بالدرجة الأولى وإلى بعض وسائل الإعلام التي تحتاج إلى ملء صفحات الجرائد وساعات البث. وغدا طبيعياً أن يقرأ أو يسمح الشخص مقالاً أو تحليلاً أو نقاشاً مكرراً لا تغيير فيه إلا أسماء الأشخاص أو الجرائد أو القنوات وأحيانا لا تتغير حتى هذه. وأصبح من المعتاد أن ترى فئة منهم تتنطط بين القنوات بدون فاصل زمني مناسب، وأكاد أجزم أن بعضهم لديه أو توفر له طائرة هيلوكبتر لنقله من استوديو إلى آخر.
وتنبع المعاناة من كون كثير من هؤلاء لا يمتون بصلة إلى التخصصات التي يتحدثون عنها. ويبدو ذلك واضحاً من خلال قراءة أو سماع ما يكتبونه أو يقولونه والذي هو في جملته قصص ورؤى شخصية، وأخبار وتوقعات تتم بلورتها بشكل أو بآخر ويظلون يقلبونها ردحاً من الزمن حتى مع اختلاف الزمان والمكان والظروف والمتغيرات.
وجانب آخر من المشكلة أنهم وجدوا في بعض الصحف والقنوات مرتعاً خصباً ليظهروا مقدرتهم على الكتابة والحديث ويشبعوا غريزة حب الظهور. والذي يجدونه مناسبة لإبلاغ الأقارب والأصدقاء والزملاء بضرورة متابعة البرنامج وإن كان على الهواء فإسداء خدمة لهذا المحلل الجهبذ عن طريق الاتصال بالبرنامج وسؤاله أمر لا بد منه. وإن كان هذا الظهور في صحيفة فلا بأس من شراء قدر مناسب من الأعداد وتوزيعها على المعارف والأحباب على سبيل الهدية، وربما يرسل المقال أو الرابط الخاصة به إلى البريد الإلكتروني.
يضاف إلى هذا كم لا بأس به من المذيعين والمحاورين والمحررين الصحفيين الشاملين المتخصصين في كل شيء من قضايا الاقتصاد والمال أو الدين أو التاريخ والتراث أو الإرهاب أو الفن. وفي كل مجال لهم صولات وجولات ذلك أن الأسئلة لا تتعدى ما رأيك في...؟ وما دور...؟ وما تعليقكم حول...؟ وأي إضافة أخرى...؟ إلى آخر ما هناك من أسئلة مشابهة، وكل ما هو مطلوب هو ملء الفراغ بموضوع الحلقة أو التحقيق.
ولعل ما سبق يلخص حجم المشكلة في كون الشأن الاقتصادي والخوض فيه أصبح لدى كثيرين قنطرة يعبر من خلالها ليحقق أهدافاً وتطلعات شخصية بغض النظر عن مضمون ما يقدَّم ومدى مصداقيته وموضوعيته واحترامه للأسس والمرتكزات العلمية.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved