تعتبر مرحلة الطفولة هي مرحلة ترسيخ الأفكار والعادات والسلوكيات التي يتأثر بها الطفل في بيئته سواء كانت من الأسرة أو المدرسة أو حتى خارجها التي تشكل شخصيته مع تنامي نموه حتى يصل إلى سن البلوغ والمراهقة، وهي تمثل ما يطلق عليه التربية التي تشهد الكثير من التفاعل والتغير خاصة في وقتنا الحاضر الذي صار فيه تغيرات جذرية في حياة الإنسان بفعل التقدم والتطور الحضاري أثّر بطبيعة الحال على الأطفال بشكل أكبر فأوجد لديهم عدم التكيف والاستقرار النفسي، وهذا ما نلاحظه في الكثير من الأسر التي تجد أنها تعاني في فهم أبنائها وكيفية توجيههم حسب متطلبات المحيط الذي يعيشون فيه.
إنَّ الطفل بطبيعته يميل إلى التمرد والتقليد وحب التجربة والاكتشاف الذي يأخذ منحى خطرا في بعض الأوقات إذا كان بعيداً عن المراقبة والمتابعة، فكيف يمكن التعرف على ما يدور في خلده ويشغل باله؟ هناك طريقة ليست جديدة ومتبعة في المدرسة وهي التربية الفنية التي تكون أحياناً غير فعّالة في الكشف عن نفسية الطفل، وسبب ذلك يعود إلى أنها:
أولاً: مقيدة بمنهج معين لا يترك للطفل فرصة للتعبير عن نفسه بحرية.
ثانياً: ضعف الإمكانيات المتوافرة لها.
ثالثاً: ينصب التركيز فيها على مفهوم الإبداع والتميز بشكل أساسي.
ويبقى الاهتمام بالجانب النفسي مهمشا وغير مهتم به مع أن المادة يطلق عليها التربية الفنية التي لا يقتصر دورها على تنمية الذوق بالقيم الجمالية فقط بل يتعداه إلى الجانب التربوي عند الطفل. وهناك أبحاث ودراسات في هذا الجانب اهتمت به منذ زمن طويل، فكانت عونا في التعرف على مشاكل الطفل ونظرته إلى بيئته، تقوم على دراسة مراحل نمو الطفل منذ ثلاث سنوات حتى سن البلوغ والمراهقة انصب فيها التركيز على الرسم؛ لأنه يعتبر لغة أو أحد أشكال التعبير بالنسبة للطفل؛ ولهذا يجب على الكثير من الأسر خاصة المتعلمة منها أن تعي أن الرسم له دور كبير في الإفصاح عن نفسية الطفل، وممكن أن نوضح بعضا من ذلك:
مثال: يمكن أن يتعرض الطفل إلى قسوة وعنف داخل الأسرة من قبل الأب مثلا، فتجد من خلال الرسم أنه يبرز ملامح وجه الأب مركزا على رسم الرأس بشكل كبير مع جحوظ للعينين. ومثال آخر لما يعانيه من الحرمان أو عدم القدرة على الحصول على لعبة ما فإنه يجسدها بشكل واضح في رسمه. هذان مثالان فقط مع أن هناك أشياء كثيرة مغمورة في داخل الطفل لا تخرج إلا عندما يطلب منه التعبير عنها، فإذا كنت عزيزتي الأم أو عزيزي الأب ترغب في أن تصل إلى نفسية طفلك فجرب معه الرسم ووفر له الأدوات اللازمة والوقت والمكان المناسب، ولا تقول إنني غير متخصص؛ فبمناقشة طفلك وتحليل رسمه يمكن أن تصل إلى نفسيته، والتجربة خير برهان.
|