النموذج السعودي اليمني

أنجزت القيادتان في المملكة واليمن الكثير من العمل في الفترة الوجيزة خلال اجتماع مجلس التنسيق بين البلدين، حيث توجا هذه الجولة من أعمال المجلس بالخطوة التاريخية المتمثلة في التوقيع على الخرائط النهائية لمعاهدة الحدود التي هي نتاج لمعاهدة جدة التاريخية النموذجية التي جرى توقيعها قبل أكثر بقليل من خمسة أعوام.
وكانت هذه المعاهدة حظيت لدى اكتمالها عام 2000م باهتمام واسع على نطاق العالم باعتبار أنها عمل ينبغي الاحتذاء به في عالم اليوم الذي باتت فيه مشاكل الحدود الاستهلالة الطبيعية للحروب بين الدول، لكن تلك المعاهدة بين المملكة واليمن وما تبعها من اتفاقيات للتعاون حولت الحدود إلى جسور لتعزيز التعاون وتبادل المنافع وخير شعبي البلدين.
وسيكون من المهم النظر إلى هذه الزيارة الرائدة لسمو ولي العهد وما تم فيها من إنجازات باعتبارها نقلة أخرى في تاريخ العلاقات بين البلدين، فهناك أكثر من تسع اتفاقيات تم توقعيها، تتركز بصورة أساسية على تعزيز مسيرة التنمية في اليمن الشقيق، وبمبالغ تتجاوز الخمسمائة مليون ريال.. فهذه الاتفاقيات هي تعبير أكيد عن مشاعر الود والإخاء التي يتبادلها الأشقاء في البلدين، والتي تنطوي على تقديرهم لتطلعات وآمال بعضهم البعض واستعدادهم إلى الانتقال بالعلاقات إلى آفاق واعدة من العمل المشترك الذي يسهم في أحداث النقلة المأمولة في العلاقات.
كما أن نتائج هذه الزيارة تعكس الأهمية الكبيرة التي يستشعرها البلدان لحقيقة هذا الجوار الذي يربط بينهما فضلا عن أواصر الدم وما تترتب عليه من واجبات، وهي كلها أمور تجد كل التفهم من شعبي البلدين اللذين يستجيبان لمبادئ الدين القويم التي تحث على مراعاة هذه الأمور المتعلقة بالأخوة والجوار حق الرعاية، وقد تجذر المسلك المرتبط بذلك عميقاً في مشاعر الشعبين وصار سلوكاً طوعياً تلقائياً، يتأكد ويتجدد بمثل هذا الحرص من القيادتين من خلال رعاية الآمال والتطلعات وتجسيدها أعمالاً محسوسة على أرض الواقع.
وفي كل ما حدث، من اتفاقية الحدود إلى اتفاقيات التعاون، هناك تأكيد لحقيقة واضحة لعلاقة مثلى تترسخ بين شقيقين في منطقة جغرافية واحدة، وهي علاقة تحض على الاقتداء بها في أجزاء وطننا العربي المترامية الأطراف، فهناك ضرورات وحاجات عاجلة وضرورية للاستعانة بهذا النموذج الذي تسنده إرادة سياسية راشدة تسعي بجد لتجاوز كافة المعوقات وصولا إلى بناء علاقة إيجابية تستلهم معطيات الحاضر والماضي لتنطلق نحو غد أكثر إشراقاً بإذن الله.