* القاهرة - مكتب الجزيرة - محمد حسين:
ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية واليمن كان أحد أهم الأخبار التي تصدرت واجهة الإعلام العربي والدول نظرا لثقل البلدين ولأهمية الموضوع خاصة فيما يتعلق بالنواحي الأمنية وقضايا التنمية التي طالما عملت القيادة السياسية في المملكة على إعطائها الأولية، وقد وصف الخبراء والمحللون السياسيون ما حدث بأنه حدث تاريخي كبير في تاريخ العلاقات العربية - العربية، وفي تاريخ الشعبين والمجتمعين العربيين الشقيقين السعودي واليمني بوجه خاص بما تحمله من بوادر ومؤشرات ومن آثار ونتائج إيجابية ستظهر معالمها تباعا في المرحلة القادمة لخدمة الأمن والاستقرار والتنمية في الجزيرة العربية، وتوطيد مكانتها وقوتها ومنعتها التعليمية والدولية.
وأشاد أحمد ماهر وزير الخارجية المصري السابق بهذه الخطوة وقال: لقد تعودنا من القيادة السعودية التعامل بحنكة وحكمة في علاقاتها الخارجية خاصة العلاقات العربية ? العربية مشيرا إلى أن توجهات الملك عبد الله بن العزيز خادم الحرمين الشريفين العروبية كانت ولا تزال تمثل المحور الأساسي في حل الخلافات العالقة بين المملكة ودول الجوار.
وأعرب ماهر عن اعتقاده بأن العلاقات السعودية اليمنية ستمثل نقطة انطلاق قوية في العلاقات العربية ? العربية وسوف تساعد في تقوية العمل العربي المشترك، وأضاف مما لاشك فيه أنني واثق من أن المستقبل يحمل للبلدين الشقيقين خيرا كثيرا وستكون هذه المعاهدة بداية لتنفيذ خطط التعاون في كافة المجالات التي ستعود بالنفع على الشعبين العربيين في مجالات التعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ومما لاشك فيه أن قيادة البلدين حريصة كل الحرص على رابطتها السياسية والاجتماعية والقومية بين البلدين وسوف تمثل اليمن بعدا إقليميا لدول مجلس التعاون الخليجي.
وقال أشرف كشك الباحث في شؤون الخليج: إن توقيع الخرائط النهائية للحدود السعودية اليمنية يمثل إنجازا تاريخيا وحقيقيا من أجل مستقبل أفضل للشعبين المترابطين بحكم الجغرافيا والتاريخ المشترك، وما حدث سوف يمثل عنصر قوة لكلا البلدين لمواجهة أي تهديدات حالية أو مستقبلية سواء لليمن أو السعودية، وسواء كانت تلك التهديدات خارجية من القوى الإقليمية والكبرى المتصارعة في المنطقة أو كانت تهديدات إرهابية تحاول استهداف أمن البلدين. وأضاف كشك أن إنجاز ملف الحدود اليمنية السعودية يمثل بداية لمرحلة جديدة وواثقة من العلاقات بين البلدين ويعزز لتعاون خاص ومثالي بين اليمن، ويشكل زخما للعلاقات اليمنية السعودية، ويدفع بها إلى عصرها الذهبي خاصة وأن التوقيع على الترسيم النهائي يأتي مقترنا بالتوقيع على اتفاقيات تعاون ثنائية تشمل مجالات مختلفة وتشكل في مجملها تكاملا ثنائيا من شأنه أن يخلق حالة نموذجية من العلاقات، وجاء الترسيم النهائي كنتيجة حتمية لعدة عوامل أهمها توفر الكثير من الدوافع الإستراتيجية والأمنية والسياسية والاقتصادية لدى الطرفين اليمني والسعودي، والأهم من ذلك هو إدراك البلدين لأهمية إيجاد حالة قوية من الترابط بينهما للتصدي والوقوف في وجه أي استهداف يمكن أن يشكل خطرا عليهما (إقليميا أو داخليا) بحكم أن أي خطر يواجه اليمن يمثل تهديدا مباشرا لاستقرار السعودية والعكس صحيح، كما أن هذا التقارب ومؤثراته والتي أبرزها الترسيم النهائي للحدود يعكس حرص البلدين على توفير متطلبات التعاون الأمني والتنسيق السياسي والمزيد من التعاون الاقتصادي.
وقال أحمد منيسي خبير الشئون العربية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن العلاقات السعودية - اليمنية دخلت بزيارة سمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز لليمن مرحلة مهمة ومتقدمة من التعميق والتطوير والتشابك والتكامل، والشمول، لا سيما بعد أن سوّيت قضية الحدود بصورة كاملة بإرادة صادقة، صنعتها رغبة القيادتين في الانتقال بعلاقات البلدين الى مرحلة متقدمة تؤهلهما للعمل كبلدين يجمعهما مصير مشترك ومصالح مشتركة يفرضها المكان والجوار والمصالح العليا للشعبين والبلدين.
أضاف أن العلاقات اليمنية - السعودية شهدت منذ بداية وحلول الألفية الثالثة، ومنذ توقيع الدولتين لمعاهدة ترسيم الحدود البرية والبحرية والمعروفة بمعاهدة جدة في 12 يونيو عام 2000م مرحلة جديدة متطورة ونقلة نوعية كبيرة في تعاون وتضامن البلدين، وعلى كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
وأكد ماهر قابيل رئيس الجمعية المصرية للتحليل السياسي أن العلاقات السعودية اليمنية قد شهدت تطورات كبيرة بعد توقيع (اتفاقية جدة) عام 2000 التي أنهت الخلاف الحدودي بين البلدين الذي استمر قرابة الستين عاما، وكان للجانب الأمني نصيب الأسد من هذه التطورات، ويبدو هذا واضحا من عدد الزيارات المتبادلة ما بين مسؤولي وزراء الداخلية في البلدين، وهذا الاهتمام الأمني بين الدولتين يعد بدهيا إذا ما نظرنا إلى طبيعة المنطقة الحدودية الواقعة بين الدولتين، وقد زادت أهمية هذه المنطقة من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001؛ فتحولت إلى مسرح نشيط للعمليات العسكرية لمطاردة (الإرهابيين)، وأبرزها عملية اغتيال الحارثي في مدينة (مأرب) اليمنية.
قال قابيل: إنه بالرغم من حل المشكلة الحدودية على الطرفين اعتماد مفهوم أوسع للأمن يعالج مختلف المشكلات القائمة بينهما، وفق أولويات يمنية وسعودية في المقام الأول، بما في ذلك تحسين الخدمات في المناطق المحرومة مؤكدا أن ما حدث من ترسيم للحدود لا يمكن فهمه خارج إطار توجه الملك عبد الله بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين الذي يولي القضايا العربية جهدا مكثفا من قبيل حرصه على وحدة الصف العربي وتوجه خادم الحرمين الشريفين العروبي.
|