* الرياض -فهد الغريري:
تعد مدرسة عبدالرحمن الغافقي الثانوية في حي أم الحمام بالرياض إحدى أكبر المدارس الثانوية في شمال مدينة الرياض حيث تضم ما يقارب 650 طالباً وخمسة وأربعين معلماً وإدارياً، ولا زالت المدرسة تعاني حتى الآن من آثار عملية الترميم التي قررت وزارة التربية والتعليم القيام بها للمبنى الضخم المتهالك الذي يقع في وسط حي أم الحمام المزدحم بالسكان.
بدأت فصول المعاناة في نهاية العام الدراسي الماضي 1425- 1426هـ حينما استبشر المعلمون والطلاب خيراً بالقرار وتوقعوا أنهم سيعودون بعد الإجازة ليجدوا أنفسهم في مبنى أفضل من السابق، لتأتي المفاجأة بأن أعمال الترميم لم تبدأ إلا مع بداية العام الدراسي الجديد حيث انقضت الثلاثة أشهر من الإجازة الصيفية دون استغلالها في ترميم المدرسة قبل عودة الدراسة، الأمر الذي حدا بالوزارة ممثلة بمركز الإشراف التربوي بالدرعية الذي تتبعه المدرسة لإصدار قرار يقضي بأن يتم تحويل المدرسة بمعلميها وطلابها إلى مبنى مدرسة قباء المتوسطة الموجودة في نفس الحي بنظام (الورديات)! فالمدرسة الثانوية (المهاجرة) كما أطلق عليها بعض المعلمين كانت تأتي بمعلميها وطلابها وإدارتها لتبدأ اليوم الدراسي في منتصف النهار بعد نهاية دوام المدرسة المتوسطة، ويستمر تلاميذ الثانوية في تلقي الدروس حتى مغيب شمس ذاك اليوم.. واستمر هذا الحال لمدة عام كامل كثرت فيه شكاوى أولياء الأمور كما أخبرنا بعض المعلمين الذين قالوا إن الآباء كانوا يشتكون تسرب أولادهم من الدراسة فهم يخرجون من المنزل بعد الظهر بعد أن يكونوا قد نالوا قسطا كافيا من النوم طوال النهار ثم يلتقون أصدقاءهم من المدارس الأخرى فيقضون الوقت معهم ولايذهبون إلى مقاعد الدراسة.
جاء الجزء الثاني من المعاناة بعد أن أرسل مركز الإشراف يأمر إدارة ثانوية الغافقي بالرجوع إلى مبناها الذي يفترض أن أعمال الترميم فيه قد انتهت، وتكمن المعاناة في هذا الجزء أن قرار عودة (اللاجئين) تم توجيهه للمدرسة قبل أسبوعين فقط، ومع توافق هذا التاريخ مع قرب موعد الاختبارات النهائية المصيرية بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية خاصة، فإن القرار سبب ارتباكاً كبيراً في أوساط المدرسة وبخاصة الإدارة التي حاولت ثني المركز عن قراره مطالبة بتأجيل العودة حتى انتهاء الاختبارات مراعاة لظروف الطلاب وسير العمل.. ولكن دون جدوى! ويأتي الجزء الثالث من القصة بمفاجأة أخرى كبيرة حيث اكتشف المعلمون والطلاب بعد عودتهم قبل ثلاثة أسابيع وكان يوم سبت أن أعمال الترميم في المدرسة لم تنته بعد! حيث ظلت المدرسة بلا سور حقيقي ماعدا بعض الألواح الخشبية هنا وهناك، بينما ظلت أساسات السور المكونة من حفريات عميقة و(أسياخ) حديدية بارزة خطراً يهدد حياة الطلاب الذي يأتون للمدرسة ويغادرونها يومياً، خصوصاً وأن المدرسة تقع في شارع ضيق من شوارع حي أم الحمام المكتظ بالمنازل والمباني، كما تفاجأ الطلاب والمعلمون بعدم اكتمال أعمال الصيانة الأخرى فالإضاءة متعطلة في بعض الفصول، وأجهزة التكييف أصبحت تطلق هواء ساخناً، و(البرادات) لا تروي ظمأ التلاميذ بالماء الحار الذي يخرج منها! إفرازات هذه المعاناة تمثلت في غياب الطلاب الذي بدأ بشكل ملحوظ منذ اليوم التالي للعودة حيث فضل التلاميذ كما يبدو البقاء في منازلهم ليحظوا بأجهزة تكييف باردة تقيهم شر حرارة الصيف الذي بدأ، وليستطيعوا أن يشربوا ماء بارداً يروي ضمأهم، وانعكست معاناتهم على أولياء أمورهم الذين توافدوا على المدرسة لإبداء استيائهم من الأوضاع وخصوصاً بعد أن لاحظوا رفض أبنائهم الذهاب للمدرسة وأيضاً خطورة أعمال الترميم التي لم تنته على حياة أبنائهم بوجود كل الأسياخ الحديدية البارزة من حفريات عميقة تحيط بالمدرسة. وزارة التربية والتعليم أصدرت قراراتها وتركت إدارة المدرسة تواجه كل هذه المشاكل ما بين بيئة الدراسة وبين أولياء الأمور الغاضبين، الأمر الذي دفع إدارة المدرسة إلى محاولة تخفيف الضرر بنفسها حيث قامت بتأمين كهرباء لإصلاح الإضاءة المتعطلة وأجهزة التكييف في ظل غياب تام للمقاول الذي تعاقدت معه وزارة التربية والتعليم، وأيضاً غياب الجهات المسؤولة المكلفة بمتابعة أعمال الترميم ومحاسبة المقاول عن أي تقصير.
(الجزيرة) حاولت التواصل مع مدير المدرسة لنقل معاناته على لسانه ولكن انشغاله بالترتيب لموسم الاختبارات في خضم هذه المشاكل التي تعانيها المدرسة حال بيننا وبينه، حيث قام بعض المعلمين (فضلوا عدم ذكر أسمائهم) بالمهمة ناقلين لنا معاناتهم ومعاناة التلاميذ وأولياء أمورهم، وأبدى أحد المعلمين ملاحظة قائلاً: هل ستكون نهاية هذه المعاناة بسقوط أحد الطلاب أو المعلمين في الحفريات وتعرضه للإصابة أو حتى الوفاة لا قدر الله؟!
المعلمون نقلوا لنا معاناة أخرى تتمثل في جيران المدرسة حيث إن وقوع المدرسة في شارع ضيق انعكس على البيوت المجاورة التي اشتكى سكانها ومنذ زمن طويل من الازدخام بسبب سيارات الطلاب حول المدرسة مطالبين بتحويل الثانوية إلى ابتدائية للتخلص من هذه المشكلة.
|