بعضنا يستمد ويحتفل بسوداويته وتشاؤمه من خلال أخطاء الآخرين فلا تجده يذكر أو يستشهد سوى بخطأ هنا أو هفوة هناك غاضاً الطرف عن كل حسن وصواب وهؤلاء هم أبعد الناس عن الإصلاح وأقلهم قدرة على المساهمة فيه!! وحين نتقصى أثر تلك السوداوية والتشاؤم ندرك أنها نبتت في تربة تراكم تجارب إدارية أنتجت ثقافة وقناعةأان لا يدلف مراجع لدائرة حكومية إلا ولديه معرفة في هذه الجهة أو تلك لتسهيل إجراءاته الإدارية التي قد تكون في بعض الأحيان متفقة ومكتملة بشروط النظام!! لن كون متحيزاً فأضع كفة اللوم على السوداويين وحدهم لأن ثمة جزءاً في الواقع وللأسف يغذي ويتعاهد تشاؤماً كهذا لكني أيضاً على يقين أن هناك تحول في الأداء الإداري الحكومي أصبح يلحظه الجميع ولابد من الإشادة به.. أكثر من إدارة حكومية تتصل بهموم المواطن اليومية أصبحت المعاملات فيها لا تستغرق سوى يوم أو يومين لتكسر حاجز المراجعة بعد أسبوع والتي غرست في أذهاننا من قبل المسلسلات التلفزيونية تنظيراً لنقطفها في بعض الإدارات والوزارات تطبيقاً!! حدثني أحد زملاء الدراسة ممن أمضوا 7 سنوات في الخارج إنه وطيلة إقامته هناك لم يحتج إلى فيتامين (واو) الإداري!! فكل شيء بالنظام هناك وحين عاد إلى المملكة لم يمضي عليه سوى 4 أشهر حتى احتاج للبحث عن أكثر من معرفة لمراجعة بعض الجهات!! رغم أني لا أستطيع أن أنفي طرحاً كهذا إلا أنني على يقين أيضاً أن الجسم الإداري المحلي في طور التعافي من بعض علله وأن ثمة توجهاً وأداء إدارياً أصبح يعالج نقص فيتامين (واو) التقليدي في المعاملات بفيتامين آخر هو (واو النظام) الواضح وكل أمنياتنا أن تستمر هذه التجارب وتتطور.. لكننا أيضاً وبالمقابل لا يمكن أن نتجاهل الأسباب التي تقف خلف رسوخ ثقافة الواو الإدارية التقليدية!! أو (الواسطة) أهمها أن كثير من القوانين والأنظمة مجهولة لدى من يطبقها من الموظفين بدرجة والمطبقة عليهم من المراجعين بدرجة أكبر فترى الموظف يأخذ ما يخلي جانبه من الخطأ والمسؤولية بتعقيد النظام والمراجع يبحث عن من يذلل له عقبات ووعورة الأنظمة!! من المفارقات التي يعجب لها المرء أن يكون نصيب مراجعتين في نفس الجهة وفي ذات الموضوع مصيرين مختلفين والسبب أن الموظفين اللذين تعاملا مع المعاملتين يختلفان في درجة فهم النظام أو تطبيقه!! ما تحتاجه وزاراتنا وإداراتنا اليوم مع بزوغ فجر جديد من الأداء لابد من الاعتراف به ودعمه وتشجيعه هو الحرص على تثقيف وتدريب موظفيها بالأنظمة ومراجعة ما يتطلب إعادة النظرفيه وخلق التواصل مع المراجع ليكون إحدى حلقات التعريف بالأنظمة في محيط المجتمع ومؤشر إعادة النظر في ما يشكل منها.. ليصبح الفيتامين والواو الوحيدة التي تغذي معاملاتنا (واو النظام).
|