ليس فقط المثقفون الأمريكيون ومؤرخو الحروب ومتابعو الأحداث الدولية وحدهم الذين يربطون ما يحصل في العراق وأفغانستان من تجاوزات عسكر أمريكا وما كان يفعله أسلافهم في فيتنام.
ومع أن المجازر التي تكتشف بين الحين والآخر في العراق بوجه الخصوص تعد صغيرة نسبياً بما كان يحصل في فيتنام، إلا أن الذين يؤرخون للحروب العسكرية يعدون ما يحصل في هذا البلد المحتل بداية لمجازر كبيرة مثلما حصل في فيتنام إذا استمر احتلال العراق، إذ بدأت الأحداث والتجاوزات صغيرة نسبياً، ولكنها سرعان ما أخذت فقاعة الفضائح تكبر.. والمجازر تتسع، نتيجة إطلاق يد عسكر أمريكا في فيتنام مثلما يحصل الآن في العراق، ونتيجة الإعداد المسبق للمحارب الأمريكي الذي يعتمد مبدأ (اقتل لتعيش)...!!
المجازر المتتابعة في العراق، والتجاوزات المتتالية التي أخذت تظهر بعد أن تستر عليها، أعادت للأذهان حتى عند المتلقين الاعتياديين فظائع حرب فيتنام، أما المختصون فأعادوا فتح الملفات وبدؤوا يقارنون فيما كان يحصل في فيتنام وما يحصل الآن في العراق. ففي آذار - مارس من عام 1968م عندما دخلت القوات الأمريكية ماي لاي وهي بلدة صغيرة تقع في جنوب فيتنام قتلت 300 شخص على الأقل بينهم رجال ونساء وأطفال. وقدر بعضهم حصيلة القتلى جراء هذه المجزرة بـ 500 شخص. وساعدت تلك المذبحة - آنذاك - على تحويل الرأي العام الأمريكي ليتخذ موقفاً ضد حرب فيتنام.
الآن يحاصر الجيش الأمريكي بحادث فظيع آخر شبيه بما حصل في فيتنام وإن كان عدد الضحايا أقل، وسوف يؤثر كثيراً على الرأي العام في الولايات المتحدة الذي لا تحظى الحرب في العراق سوى بتأييد محدود من جانبه، إذ من المرجح أن يشكل حادث حديثة وكذلك فضيحة إساءة معاملة المعتقلين في سجن أبو غريب ثم حادثة الإسحاقي وبعدها مقتل المرأة الحامل في سامراء فصولاً سوداء في التاريخ العسكري الأمريكي.
وحسب ما ذكر في التقارير حول ما جرى في حديثة والإسحاقي وسامراء يمكن القول إن هناك أوجه شبه كبيرة بينها وبين ما شهدته ماي لاي. فالحوادث وقعت على يد جنود أمريكيين يشعرون بالغضب إزاء مقتل أحد زملائهم. والحوادث تعبر عن أمور مروعة يمكن أن تحدث في الحروب حينما يفقد شبان سيطرتهم على أنفسهم.
هل هي البداية خصوصاً بعد أن وصل التذمر حتى إلى شركاء أمريكا، فالحكومة الحالية التي أخذ رئيسها يشتكي من عدم معرفة حكومته بمسار التحقيق حول هذه المجازر.
|