ها نحن قد أشرفنا على الإجازة الصيفية بعد اجتياز اختبارات نهاية العام الدراسي نسأل الله أن يوفق أبناءنا الطلاب ويكلل مسعاهم جميعاً بالنجاح إن شاء الله مما يفرحهم ويثلج صدور آبائهم.
ويستقر في بالنا اليوم أن المؤسسة التعليمية بكافة مستوياتها تسعى جاهدة نحو التحديث العالي في مجالات تكنولوجيا التعليم والمناهج وطرق التدريس وإدارة المؤسسة التعليمية ومرافقها، وممارسة مناشطها.
ويعتبر هذا دعماً لما تسعى إليه لتحقيق فرص حياة أفضل ومسلكيات حميدة تساعد على تفاعل في العلاقات موجب وسوي مما يدعم دور المؤسسة التعليمية ويعزز مكانتها وتقدير المنتمين إليها عاملين وطلاباً.
وما من شك أن المؤسسة التعليمية تمثل محوراً في مجال أنساق المجتمع وهي واحدة من مقومات وأركان التطوير والتقدم في عالم متغير وسريع الحراك، ويترافق هذا مع وجود متغيرات أخرى في مؤسسة الثقافة والإعلام والرعاية والأخلاق.
في هذا المقال لن نتناول هذه المتغيرات وسوف نشير فقط إلى المؤسسة التعليمية في إطار بعض من القواعد المحسوبة والمحددة لبدء ونهاية العام الدراسي وصولاً للإجازة الصيفية.
إن وضعية المؤسسة التعليمية في مجتمعنا السعودي وفي ظل الواقع المعاصر تشير إلى عدم وجود أدنى تعثر في العملية التعليمية ذاتها، ولكن كون أننا ننشد المزيد من التقدم لهذه المؤسسة يجعلنا نتحول للمنظومة الإدارية خاصة وأننا نمضي في عالم متغير اختلف فيه معيار الوقت فقد تسارع إيقاعه على مسافة الزمن فاختلط فيه الماضي بالحاضر توقعاً لما هو آت. وأصبح تفسير الخط المتواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل تعددت فيه الرؤى وأضحى التفاهم حولها بالغ التعقيد والحساسية، وقد تباينت الرؤى حول الفصل والوصل في خط الزمن، فهي تقرب أحياناً وتتعارض أخرى، أما قضية الإجازة الصيفية فثمة اتفاق حول معالجتها، حيث تتعلق بالواقع المعاصر في البيت السعودي.
إذ ما نطرحه حيال الإجازة الصيفية، هو طول فترة الإجازة لحد يقلق الجميع فلن يخلو بيت من وجود طالب به وبالتالي لن يخلو شارع من هذا الوجود ولذا أصبح الكل يئن من وطأة هذه الإجازة وعشوائية التخطيط للتعامل الهادف معها مما جعلها ضياعاً للوقت، وضياعاً لما سبق تحصيله في المدرسة عبر العملية التعليمية حيث إن الطالب طوال العام يمر بمحطات توقف كثيرة وإجازة نصف العام - إجازة رمضان - إجازة الحج وعيد الأضحى.
فهل لنا أن نختصر الوقت وتضيق مسافة الانقطاع عن المدرسة ليتحقق التواصل التربوي المنشود.
إن تضييق هذه المسافة الانقطاعية مما يخفف العبء - إلى حد ما - على كاهل هيئة التدريس في مراجعات وتهيئة للانطلاق إلى مواصلة موضوعات الدراسة حسب المنهج الموضوع، وليس ثمة بديل عن ذلك يمكن الأخذ به إلا بتضييق مسافة الإجازة والتخطيط الجيد للاستفادة بها ليس بعيداً عن المدرسة ولكن بفتح أبوابها حتى في الصيف للاستفادة بمرافقها (المكتبة - الملاعب - المسرح - المختبر - قاعة الهوايات والأشغال الفنية - والكمبيوتر)، وعدم الاقتصار على المراكز الصيفية لقلتها.
وهذا إذا شئنا أن نرتقي إلى مستوى التعامل الجيد مع تحديات العصر هذا من جانب ومن جانب آخر الاستفادة من طاقات هؤلاء الطلاب وترشيدها الحميد بالعمل على إشراكهم في مشروعات تؤهل لتطبيق ما سبق أن حصلوه من علوم فنية أو زراعية.
وبناءً على ذلك التخطيط التربوي يمكن ربط النسق التعليمي بالمراكز العلمية حتمي يمكن المضي قدماً في مضمار التقدم وقد يدعونا هذا إلى إجراء تعديل في المناهج وفي توزيعها في مقررات متوازنة على مدار العام وفي مواعيد الحصول على الإجازات والبرامج الصيفية وكيفية التخطيط لها والمهام ومسؤوليات التنفيذ حتى يمكن إدخال التكنولوجيا المتقدمة، والانفتاح الرشيد على المعرفة والثقافة العربية والعالمية - وإمكانية التعرف بل والإلمام بما حدث فيها من تطورات وقضايا كثيرة ومشكلات تحتاج إلى إعمال العقل فيها، والبحث عن حلول لها.. ومن قبل ذلك - تبعاً لموضعنا - البحث عن حل لذلك الزمن المستقطع في الإجازات، والبحث عن مناشط تتوافق مع حقائق الواقع وإنجازاته الحضارية التي ترمي إلى تطوير التعليم وتحديثه.
والرأي لدينا أن الإسراف في فترة الإجازة يعيق المسيرة التعليمية فيتعثر في ضوئها سلوك الأداء التربوي والتوجيه وتنمية شخصية الطالب وإعاقة الوعي الاجتماعي... إلخ.
إن ما ندعو إليه من ترشيد الإجازات المدرسية واختصارها يعد واحداً من مجالات كثيرة لتطوير السياسات في مراعاة التوافق بين الكم والكيف.. دون أن يخل ذلك بنواحي النشاط المدرسي الرياضي والكشفي والفني والثقافي وغيرها من الأنشطة.
نسوق هذا مع إيماننا بجدوى العملية التعليمية وما تتضمنه من تفاعل العلاقات في خريطة الاتصال سواء بين الطالب ومعلمه أو بين الطالب ومدرسته وهذا يؤكد على كيان المدرسة في كل المستويات التعليمية في أقصى حالتها الثقافية العلمية والفكرية النشيطة، ولن نجد اختلافات كثيرة حول ذلك المضمون ولا حتى للأسئلة التي تشغل الكثير من المهتمين الاجتماعيين والنفسيين والتربويين.
إن ما دعوا إليه من اختزال وقت الإجازات والاستفادة منها داخل المدرسة طوال فترة الإجازة تحت إشراف اجتماعي وتربوي يتماشى مع منظور التنمية، ومع القيم الثقافية السائدة في مجتمعنا المعاصر الحاضر في زمن العولمة وتداعياتها.
إن ما ندعو إليه فيه وكان لأبنائنا من استغلال الإجازة في غير ما نريده مثل الخروج إلى الطريق العام للعب والعراك والتصرفات غير اللائقة أحياناً مثل الاستعمال الخاطئ للتلفزيون ولعب الورق والتجوال في الأسواق ومشاكسة الناس.
إننا ندعو صناع القرار للتأمل فميا نقول خشية الإخفاق في ترشيد وتوجيه البناء لخط معاش عما تريده المؤسسة التعليمية والتربوية.
|