Saturday 3rd June,200612301العددالسبت 7 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"محليــات"

نهارات أخرى نهارات أخرى
البيان وخطاب الإرجاف
فاطمة العتيبي

** تبدو قضية المرأة أبرز النقاط التي (اشتغل) عليها الخطاب الثقافي الإيدلوجي طيلة السنوات الماضية ..
وليته كان اشتغالاً يفتح مناخات جديدة لعملها وتعليمها وتثقيفها، أو بحثاً وسعياً دؤوباً لتطبيق الشريعة السمحة في مختلف حقوق المرأة.
لكن العكس كان صحيحاً فقد ظلّ الخطاب يعمل وبكلِّ اقتدار إلى تكوين ثقافة مجتمعية أحالت المرأة إلى بالون عظيم ينتفخ بالأوهام ويكبر ويتضخّم بالأدبيات الغارقة في التجميد والتحجيم لدور المرأة والتهويل من عملها أو ثقافتها ..
ونسبة الطلاق المرتفعة هي نتاج واضح لثقافة جيل ظلّ يتلقَّى فحيح الأشرطة والأنشطة في المراكز والمدارس والأعراس وشتى المناسبات، وكلّه يغذي قمع المرأة وأنّها الخطر الداهم الذي يطيح بالفضيلة إذا لم يجعلها الرجل تحت يده .. يقبض عليها ويأخذ على يدها ويقودها إلى دروب الخير التي تصارع قدماها من أجل السير في الشر!!
ففي أدبيات الخطاب السابق أنّ المرأة ضعيفة .. فريسة .. تقودها عاطفتها إلى الرذيلة إلاّ إذا قبض عليها الرجل!
** لا أحد يحرِّك الضمير ويذكر بأنّ الإنسان عاقل إذا ما تعلَّم الفضيلة، وإنّه يتحمّل مسئولية نفسه جيداً حين تزرع الثقة فيه!
** كثير من الناس عبر طريقه في الحياة مهمِّشاً ذاك الخطاب اللجوج الذي ينظر للزوايا القاتمة في الحياة، ولا يملك فرحاً أو بهجة إلاّ في كشتات الشباب أو عزلة الاستراحات وهناك تجد الضحك والنكات والألعاب الغريبة من أمثال أن تتمخّض بالكيروسين ثم تقرِّب عود ثقاب من فمك .. وأشياء غريبة كأن تضع عملة على جبهتك وتظل تحرِّك وجهك حتى تسقط العملة في فمك فتفوز بخمسين ريالاً ..
إزجاء الأوقات بهدر غريب وألعاب غريبة يمارسها الشباب في تجمُّعاتهم مع رجال كبار .. كلُّ هذا لا بأس فيه طالما أنّ المرأة هناك خلف الأبواب المتربسة .. بعيدة عن عود الثقاب!!
** يؤسفني أنّه وبعد هذه المراجعات الهامة لسطوة خطاب سابق .. يكفِّر .. ويخوِّن .. ويتّهم دون أدلّة .. ويرجف ويربك ويؤجِّج الشباب ضد مجتمعهم ووطنهم .. يؤسفني بعد كلِّ هذا العمل الدؤوب من جهات ومؤسسات أهمها الحوار الوطني ووزارة التربية والتعليم والإعلام، وبعد سعي حثيث من المخلصين والمخلصات لدينهم ثم وطنهم، في محاولة مناقشة الأفكار التي قد تعيد الفتيل إلى الاشتعال وبعد شهداء وبعد أيتام .. وبعد شباب ذهبوا ضحية أفكار تأجيجية تضرم في قلوبهم الفضّة نار الحقد فيذهبون إلى الموت يظنُّونها الشهادة التي يحلمون فيها!
** يؤسفني أنّه وبعد كلِّ هذا ما زال منا من يعيد ذات الكرة .. وذات الخطاب المؤدلج .. ويؤجِّج الشباب ويوهم فصائل المجتمع واتجاهاته بأنّ ثمة خطر داهم بينهم .. ثمة عملاء وخونة .. وثمة سعي للفساد والإفساد!!
** نحن نسعى إلى لملمة جراحنا بعد إرهاب دموي قتل المئات منا .. فهل كان هذا الخطاب الستيني .. ضماداً كنا ننتظره ..
** لقد كان تماماً إراقة زيت ساخن على جرح مفتوح .. كنا تعاونّا جميعاً بكلِّ مستوياتنا على تطهيره وتعقيمه، وكلّما ظننا أنّه في طريقه للتعافي .. يخرج من بين ظهرانينا من يعيد الألم .. من يفتح الجرح ويذر عليه الملح ..
** الإيمان الحقيقي هو في رعاية لحمة هذا الوطن والتفكير الملي قبل اتخاذ أي خطوة من شأنها تأجيج مشاعر الشباب ضد مجتمعهم وإيهام المتحمسين منهم بفساد العمل والسعي الدؤوب إلى الإصلاح والنمو .. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved