* جدة - عبد الرحمن إدريس:
أوضحت الدكتورة إيمان أشقر، استشارية أمراض القلب بمستشفى الملك فهد في جدة، أنّ ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب بين الشباب صغار السن يعتبر من الظواهر المقلقة والخطيرة، خاصة وأنّها توضح زيادة تفوق الحالة الطبيعية في المعدلات.
وأرجعت الدكتورة إيمان أشقر في حديث ل(الجزيرة) الأسباب إلى عدّة عوامل مرتبطة بمحدودية التوعية الصحية وإهمال جانب الوقاية بين أفراد المجتمع بشكل ملحوظ .. فكانت النتائج بأمراض القلب المبكرة لمن هم بين سن 20-40 سنة بخلاف تزامن الإصابة بالتقدم في العمر ..
وتضيف بأنّ أنماط الحياة المعاصرة لها دور مباشر في تسارع ويترة زيادة أمراض من هذا النوع كالتدخين والوجبات السريعة والأكل في المطاعم في غياب الوعي بالأضرار على الصحة .. كما أن الكثير من الاعتقادات الخاطئة في حياة المجتمع تشير أيضاً إلى ضرورة تفعيل أدوار الثقافة الصحية .. ومن الأمثلة على ذلك الإقبال على أطعمة السوق تسليماً بكونها مطهوة جيداً وبمواصفات عالمية أو عالية الجودة، بينما تتشبع بالكولسترول الضار .. وللأسف معلومة كهذه لم تؤخذ في الاعتبار فاستطاعت مغريات النكهة تغييبها من ذاكرة الوعي ..
ومن الأخطاء الشائعة ما ينتشر بين صغار السن والشباب بممارسة التدخين كما هو مع الكبار أيضاً بعدم توقُّع الإصابة بالأمراض الخطيرة أو القلب إلاّ في حالة متأخرة من العمر، وأن التقليل من الكمية هو شيء من الحماية بالإضافة إلى التأثير على غير المدخنين من أفراد الأسرة وجهل الأضرار السلبية عليهم .. وما زالت أمراض القلب مرتبطة في الأذهان بالماضي في التقدير العام ومنها ما يستثنى توقع الإصابة المبكرة وهذا من الأخطاء وكذلك عدم فهم إيجابية الرياضة على الصحة وبشكل خاص القلب ..
ويربط البعض أسباب الإصابة بأمراض القلب بممارسة الجنس، وعلمياً هذا من الأخطاء الشائعة، فليس له تأثير على عضلة القلب بالسلب أو الإيجاب.
وتضيف د. إيمان أشقر: طبيعي أن الجانب الخاص بالوراثة والتقدم في العمر، فهذه لا يمكن تغييرها ولكن نصل إلى قدرة مباشرة في إمكانية التخلُّص من العوامل الأخرى بقوة الإرادة معتمدين على الله.
وما يجب تصحيحه عموما هو تلك المعلومات الشائعة وفي إمكانية التقليل من احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية فإن الثابت هو الإقلاع تماماً عن التدخين إلى جانب التخلُّص من المشكلات الصحية الأخرى بالطبع .. وليس هنالك ما يؤكد (علمياً) استمرار الخطر إذا اقلع إنسان عن التدخين بل انخفاض نسبة هذه الاحتمالية بـ50% بمرور فترة من التوقف وهذا هو الثابت وإن كان الاعتقاد عكسياً.
اعتقاد خاطئ
الدكتورة إيمان مناحي أشقر تواصل حديثها عن أضرار التدخين على القلب بشكل خاص، فتقول إن كثيرين لديهم اعتقاد خاطئ في تدخين سجائر بنيكوتين وقطران أقل، والحقيقة مع جميع أنواع التعاطي للتبغ سجائر وشيشة ومعسل لا تختلف في التأثير النتائجي على الصحة .. أيضاً الأمر سيان في الكمية أو عدد مرات التعاطي ..
هذا لا يمنع من القول علمياً بأن التدخين وحده لا يؤدي للإصابة بأمراض القلب بمعنى أنه عندما يكون التدخين لوحده تكون نسبة الإصابة أقل .. أما للمدخن في وجود عامل الوراثة فهو يعني ارتفاع الخطورة بوجود عاملين .. كذلك الأمر عندما يكون الشخص مدخناً ووالده أو أحد أقاربه حدثت لهم أمراض قلبية وهو في نفس الوقت مفرط السمنة فهذا يرفع عوامل الخطورة إلى ثلاثة ..
أما في جانب العامل الوراثي فهو وارد في أسباب الإصابة بأمراض القلب كما هو في أمراض أخرى .. المشكلة هنا تأثير أسرع وراثياً مقارنة بأجيال سابقة، فالمعروف في هذه الناحية تباعد في الفترات وانتقال الصفات الوراثية من الجد الثاني أو الثالث وهكذا .. أما في هذا العصر المتغيرات صفات متقاربة عندما يكون الأب أو الجد والخال داخل نفس دائرة المسببات من زيادة وزن وتدخين وكوليسترول وبعد عن الرياضة فتكون عملية الوراثة مع هذا العصر بإيقاعات أسرع في الانتقال والتأثير وهذا لا يقتصر علينا في المملكة فقط، بل هي ظاهرة عالمية ولكننا محلياً نكاد نعاني من قلة الوعي بهذه المخاطر الصحية .. من ناحية الوقاية والعلاج متوفر ولكن الأغلب كإشارة إلى إهمال كبير وسيتدعي نشاطاً أكبر في التوعية بدلاً من الوصول إلى الجلطة القلبية أو الذبحة الصدرية، فهي إصابات يجب ألا يستهان بها لشدة خطورتها وقد يأتي الشخص بعد فوات الأوان بسبب غياب هذا الوعي.
وفي نهاية حديثها ل(الجزيرة) تقول الدكتورة إيمان الأشقر إنّ الحملة الوطنية للقضاء على مشكلة البدانة وزيادة الوزن تعتبر جرس انذار وتنبيه لجميع أفراد المجتمع فلا بد بإذن الله أن تحقق أهدافها في نشر الثقافة الصحية وقائياً ومع ذلك لا بد من التساؤل عن الأدوار المشاركة بدون استثناء وخاصة الإعلام والتربية والتعليم، فنحن وصلنا إلى مرحلة وجود مشكلة، الأمر الذي يتطلّب كيفية عملية ومباشرة للوقاية ومعالجة الظروف المساعدة لأسباب ظاهرة السمنة وزيادة الوزن ..
وحتى إن جاء الافتراض بعادات وسلوكيات وضغوط نفسية في عصر السرعة وما إلى ذلك، فإن هذه كلها قابلة للحلول برفع مستوى الوعي خاصة ونحن نواجه مشكلة صحية .. كما أشارت إلى أن أسباب الوفاة في المملكة بأمراض القلب بلغت 35% (حسب منظمة الصحة العالمية)، فإذا أردت المقارنة تجدها تفوق عدد الوفيات بكل الأسباب الأخرى، طبعاً ارتباطها بالسمنة المفرطة وزيادة الوزن أساس في تهيئة الأسباب.
|