اسم الكتاب: المرأة في إسرائيل
الناشر: مكتبة العبيكان
المؤلف: باسل يوسف النيرب
عدد الصفحات: 194
الحجم: المتوسط
يعود إلينا الكاتب باسل يوسف النيرب بكتابه الثاني المعنون (المرأة في إسرائيل)، وقد تحدث في كتابه الأول المعنون (قتل الشهود) عن الاغتيالات الأمريكية للصور الإعلامية العربية. وفي كتابة الحالي الصادر عن مكتبة العبيكان جاء الكتاب في فصلين، تضمن الفصل الأول مقدمة حول المجتمع الإسرائيلي؛ إذ يقدم لنا المؤلف مجموعة من التناقضات التي يعجّ بها المجتمع، ويقول في هذا الموضوع: فيما يخص الصراع بين اليهود الشرقيين والغربيين، مع وصول قوافل المهاجرين (السفارديم)، وهم الأغلبية في بدايات الهجرة، كانوا يوزعون على بيوت أطلق عليها بالعبرية اسم (معبرون)؛ أي العبور نحو الحياة الجديدة، وتصف أغلب الأدبيات العبرية هذه البيوت بأنَّها رثّة، وتنبعث منها الروائح، ولا تصلح للسكن الآدمي، وغالباً ما كانت مخيمات العبور خارج المدن الكبيرة وفي المناطق النائية، وتفتقر إلى الحمامات النظيفة. وقد خلت هذه المخيمات من الطرق والخدمات الأساسية، ويضيف (يوسي ميلمان): لقد واجه الجميع ذات المعاملة القاسية، سواء أكانوا من اليهود الأوربيين الذين نجا معظمهم من المذبحة، أو من اليهود الشرقيين، وخضع جميع من عبر بوابات الهجرة إلى فحص طبي، ثم كان يطلب إليهم خلع ملابسهم كاملة بغرض تطهيرهم بمبيد حشري (دي - دي - تي). كما يعرض لنا المؤلف في ذات الفصل التناقض الواضح بين الأحزاب الدينية ذاتها، حيث يقول في هذا السياق: قد يبدو أن الأحزاب الأرثوذكسية الدينية اليهودية على اختلافاتها تصب في تيار واحد، وتبدو كأنَّ مصلحتها الحفاظ على التوراة ومبادئ الشريعة، إلا أنَّها في جوهرها تعكس تناقضاً صارخاً يقوم على أساس التنافس على أصوات الناخبين وعلى الميزانيات المخصصة للمؤسسات والوزارات التي يسيطر عليها التيار الأرثوذكسي، إضافة إلى اللا مسؤولية في التعامل مع القضايا الأخرى البعيدة عن الدين، فقد أشار تشارلز ليبمان الباحث في شؤون المجتمع الإسرائيلي إلى أنه لم تقدِّم الحركة الأصولية لليهود الإسرائيليين بعدُ أجوبةً مقنعةً لمسائل التّفاوت الاقتصادي والجور الاجتماعي.
وتناول الفصل الثاني من الكتاب مظاهر مشاركة المرأة في المجتمع حيث يقول فيما يخص التربية والتعليم والكتب الموجهة إلى الأطفال: وقد أشار البروفيسور الإسرائيلي أدير كوهن إلى أن الطفل اليهودي يُحقن بجرعات متتالية من الكراهية والبغضاء لكل ما هو عربي، ويقول عكيبا أرتست سيمون: إن الإسرائيليين يبذلون ما في وسعهم لإعداد الطلاب اليهود وتهيئتهم ليوم غد الذي قد تنشب فيه الحرب بينما لا يبذلون أي جهد لتهيئة الطلاب اليهود لبعد غد الذي قد يجلب السلام (7). تعمد الكتب الموجهة للأطفال اليهود إلى وصف العربي بأنه منحط ووحشي، وتشكك في إقامة علاقات سلام معه أو حتى علاقات مبنية على الثقة المتبادلة، بينما تؤكد الدروس الموجهة إلى الطفل اليهودي أنه مميز ومتفوق على من سواه في مقابل التركيز على النظرة الدونية لكل ما هو غير يهودي.
ويقدم لنا المؤلف نماذج من الجرائم الأخلاقية التي يعجّ بها المجتمع الإسرائيلي وفي المقابل لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية محاربتها للعائد الاقتصادي الذي يدر أرباحاً عليها حيث يقول: أسفرت التربية العنصرية إلى خلق حالة من الاستعلائية عند الإسرائيليين، وقد عبرت مناهجهم التعليمية عن التعصّب العنصري ضد كل ما هو غير يهودي، فبواسطة التربية والتعليم في إسرائيل يحقن الطلاب والطالبات بصور الحرب والعداء التاريخي والحقد والدموية، ونتيجة للتربية أيضاً، فقد ظهرت مشكلات الشذوذ والانحراف السلوكي والخلقي عند الناشئة، وقصص القتل والشذوذ الاجتماعي تضرب بجذورها العميقة في المجتمع الإسرائيلي، ومن هنا يصعب على الدولة الإسرائيلية محاربة هذه الظواهر الاجتماعية مثل تجارة المخدرات والشذوذ والبغاء، والسبب في ذلك أن أي حالة حرب ضد هذه الظواهر ستكون حرباً ضد الدولة، حيث تؤكد كافة التقارير الاقتصادية أن الأنشطة اللا أخلاقية تدرّ دخلاً مربحاً على خزانة الدولة. ومن ناحية ثانية ستزيح حالة القداسة عن التوراة المليئة بقصص الدعارة والشذوذ والخروج عن كل ما هو طبيعي ومألوف.
ثم يقدم لنا المؤلف رؤيته إلى أين يسير المجتمع الإسرائيلي ويقول في أولها:إسرائيل بشكلها الحالي عرضة للنخر الاجتماعي، فالتفرقة على أساس طائفي وديني قائمة في ظل عدم الاعتراف بيهودية بعض أبنائها، وهم يشكلون نسبة عالية جداً لم تظهر في أي إحصاءات رسمية، حيث لا توجد هوية جامعة لهذا الخليط السكاني، فقد تجد الجماعات القادمة من أوروبا الغربية والقادمين من البلاد العربية وغيرها، وكل جماعة من هذه الجماعات لها أحزابها ومدارسها وصحفها وحتى أحياؤها الخاصة، مما يدفعنا للقول إنَّ إسرائيل الحالية جيتو أكبر قليلاً من الجيتو الذي عاش فيه اليهود قديماً، وإن كان بشكل آخر؛ فكل طائفة من الطوائف اليهودية تعيش بمعزل عن الطائفة الأخرى، ولا تشاركها في مناشط الحياة العامة، الأمر الذي يقلل من فرص الاندماج ويعزز التنافر القائم أصلاً عند نشأة الدولة، كما لا بدَّ من التأكيد على أنَّ حالات التنافر والنخر الاجتماعي في إسرائيل تظهر أحياناً على السطح جليًا، وتختفي في بعض الأوقات، وهذا عائد إلى طبيعة الخطر الذي تتعرَّض له الدولة، فمع أحداث هبة الأقصى المباركة اختفت بشكل ملموس التناحرات الاجتماعية، وظهرت عوضاً عنها المشكلات الأمنية والسياسية، فيعمل السلام الظاهر على تفشي وبروز مشكلات إسرائيل الاجتماعية.
|