Saturday 3rd June,200612301العددالسبت 7 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"مقـالات"

المنشود المنشود
ساعة هروب!!
رقية سليمان الهويريني

استلمت نتيجتها (مكملة في الدور الأول، ويحق لها دخول الدور الثاني في يوم... وتاريخ...)
حقيقة الإخفاق كحقيقة جدول الضرب لا تحتمل التأويل!!
عينٌ تنظر بها نحو الإشعار، وأخرى ترنو بها نحو زميلاتها، وهنَّ يحتضنَّ شهاداتهن ويقلِّبن جوائزهن فيما بينهن.
تتقهقر.. تعود للخلف..
عينٌ في الإشعار.. والأخرى ترسلها نحو زميلاتها.. تعود للوراء بهدوء دون التفات.. سحابةٌ من الدموع تحجب عنها الرؤية.
التلميذات كالأشباح... لا تستطيع إغماض عينيها لأنها لو فعلت لتمزقت تلك السحابة، وهطلت منها أمطارٌ تترى!!
تعود (ريم) للخلف.. تصطدم بالجدار لتستدير..
أمامها بوابة الخروج...
تطل برأسها، إن البيت قريب، تصله دون سيارة كالعادة.. فلتنطلق، فالمكان لا يسعها.. لا يسع الفاشلين، هو للناجحين الفائزين فقط.
تهرب..تهرب.. يتبعها صوتُ هديرٍ.. يجري خلفها..
تهرب.. تهرب.. يتبعها بعجل.. لا تكاد تلتقط أنفاسها، إنه يقترب نحوها، يكاد يقبض عليها.. تخور قواها، ولكنها تتابع الهرب، يقترب، تشعر بأنفاسه قريباً منها.. يوشك أن يضع يده على كتفها..
فهي تهرب وتجري، وتتساءل بهلع.. ما السبب في هروبها، ولماذا هذا الصوت يتبعها؟!
تهرب، لأنها .. استلمت إشعار (الإكمال)!! وتجري لتصل للبيت في أقصر وقت.. وأسرع وسيلة..
أقصر وقت؟! لماذا لم أنتبه لهذه العبارة من قبل؟؟ أقصر وقت؟! أسرع وسيلة؟!
الاستذكار أقصر وقت للنجاح! وأسرع وسيلة لتحقيق الهدف..
النجاح أقصر وقت للانتهاء من سنوات الدراسة!
النجاح هو الطريق الموصل إلى التفوق.. كيف أحصل على التفوق.؟
تتساءل وهي تجري والصوت مازال يتبعها، ويكاد يُطبق قبضته على رقبتها... أحصل على التفوق بترك الإهمال والتهاون.
الإهمال!!!
الإهمال!! هذا هو سبب رسوبي، غريمي الإهمال..
التهاون.. عدوي، بل أعدائي التهاون والتقصير والكسل والإهمال، فلماذا كنت أعدهم من الأصدقاء؟!
هم يشكلون الفشل، فكيف أقهرهم؟؟ وبأي سلاح؟!
بالاهتمام، والجد، والاستذكار، والاجتهاد بل وبالمثابرة والصبر...
أسلحة كثيرة!! لقد اكتشفت السلاح..
توقفتْ فجأة عن الجري، والتفت نحو الخلف بسرعة خاطفة، هذا هو غريمها وعدوها.. هو الفشل إذاً!
رفعت يدها وطموحها وقرارها في وجهه.. وبصوتٍ يحمل التحدي والثقة تقول له: سأقهرك، لن تتغلب عليَّ، لقد عرفتك، فأنت ذلك الوجه القبيح، إنَّ وجهك بالفعل قبيح.. دميم لم أكن أراك بهذه الصورة.. كنت ترتدي قناعاً زائفاً! تدعوني للراحة والدعة والتراخي والكسل.
أنت لست صديقي، أنت عدوي! بل ألد أعدائي.
تقبض عليه بكلتا يديها.. وتضغط عليه بقوة وبعنف وحنق.. لتجهز عليه..
إنه يتضاءل.. لقد تلاشى!! حتى لم يكن شيئاً مذكوراً..
تفتح يديها.. لقد اختفى!!
تتنفس بعمق...
تتجه نحو منزلها.. تدخل، تقابل والدتها.. وبكل ثقة، تسلمها الإشعار بعبارة: (لقد عرفت خطئي)!!سأعيد ترتيب أوراقي، ليس في المدرسة فحسب، بل في نفسي، وفي أسرتي، وبكل زاوية في هذا المنزل الذي طالما أسأتُ إلى من فيه حين أنكرت مبدأ التعاون وانتهجت اللامبالاة، وتنصلت عن المسؤولية، واستمرأت اللعب ومضغ الكسل، والله تعالى يحذرنا من ذلك ويقول {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} «115» سورة المؤمنون.
وعادت بذاكرتها إلى المدرسة، وتذكرت مواقفها السلبية مع زميلاتها، والعبث والمشاغبة، والسخرية بمعلماتها!!
وظهرت في الذاكرة المرشدة التربوية، وهي تنصحها بالجدية والاهتمام واستذكار الدروس، وإنها السبيل الأقصر للنجاح.
تذكرتها وهي تنتقل من أسلوبٍ علاجي إلى آخر دون ضجرٍ أو في كل مرةٍ تأمل المرشدة أن تكون (ريم) قد استفادت من التوجيه والنصح..
تدخل (ريم( غرفتها بسرعة.. وتقلب كتبها.. وتتناول أحدها، وتستأذن والدتها وترجوها لاصطحابها للمدرسة.
***
في المدرسة.. تقابلها المرشدة، وتأسف لنتيجتها باقتضابٍ شديد، فلطالما نصحت ووجهت والموقف الآن، لا يحتاج لمزيد من الإرشاد والتوجيه! بينما (ريم) تقف أمامها بثبات، مطرقة برأسها، تعلو وجهها السكينة، وتقول: لقد عرفتُ عدوي وغريمي.. إنه الإهمال الذي أدى للرسوب..
نعم كنتُ مهملةً، ولم أكن أستفسر عمَّا يستغلق عليَّ فهمه.. وهذا كتابي أرجو أن تناقشي المعلمة، وتقنعيها أن تشرحَ لي بعض الدروس فلن أنتظر حتى يحل موعد الدور الثاني، ليس هناك وقتٌ كافٍ!! هكذا قالت (ريم) بكل إصرار!!
تهلل وجه المرشدة مصحوباً بابتسامة الفرح، وهزت رأسها بالتأييد، واندفعت نحو (ريم) تحتويها كما تحتوي المغفرة التائبين!
*** صورة مع التحية لكل من أضاع وقته وجهده، وحين فشل، شعر بضيق طوق اليأس، فلم يهرب، بل خلعه واستبدله بعقد الأمل!!

ص.ب 260564 الرياض 11342

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved