** عكَّرت (السُّدُم) الصفاءَ الفكريّ زمناً، فكانت الكتب تصادَر، والمجلات تُمَزَّق، وكان المسافرون يتزوَّدون بما خفَّ حملُه وطال منعُه، ويتفنَّنون في إخفائها عن عينٍ لا تعي ورقيب يدّعي، ثم انقشعتْ - أو كادت - فباتَ مُصادَرُ الأمس متصدِّرَ اليوم، وبتنا نقرأُ في مكتباتنا التجارية عناوينَ تستحق التوقُّف..!
** وبمقدار انفتاحِ وزارة الثقافة في عهدها (المدنيّ) الذي يمثِّل نقطة تحوُّلٍ إيجابية، تنغلق (مدينةُ الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية) لنفاجأ بلوحتها العتيدة تملأُ الشاشة: (الوصول إلى هذه الصفحة غير مسموحٍ به)، مع علمِها أنّ ألفَ دربٍ ودرب يوصل إلى فك شفرات الحُجُب وتجاوز (الجُدُر) ..!
**ربما كانت المدينةُ مجرَّد أداة، وربما أتاحتْ مجالاً واسعاً لاجتهادات، والمتيقِّنُ أنّ المتغيّرات التقنيّة والثقافيّة والمعرفيّة توحي بعبثيّة الوصاية ؛ فمن لا يرغبُ المواقع المحجوبة لن يدخلها أصلاً، ومن يرغبُها سيجدُ طريقه إليها، والتربية السليمةُ تقوم على التوازن في الإخبار والاختيار لا الميل في الإعتام والإجبار؛ ونكوصُ مغمض العينين حين يرى أشدُّ ممّن حكم بمعرفة ثم قرّر بدراية، وشاعرنا القديم عرف (الشرّ لا للشر لكن لتوقِّيه)..!
** ولعلّ المطلوب - اليوم - وجودُ رؤية ثقافيةٍ لكيفية التعامل والتفاعل مع الأوعية المعلوماتيّة كيلا نكون وسيط دعاية مقلوبة تروّج للممنوع حتى يتحوَّلَ إلى متبوع..!
* الفضاء مفتوح..!
|