Thursday 1st June,200612299العددالخميس 5 ,جمادى الاولى 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"الريـاضيـة"

تحت المجهر تحت المجهر
الشلهوب أيقظ فيَّ حب الأم والحياة
غازي كيال (*)

بعض الأحداث والمواقف التي تحدث تحرك في الإنسان مشاعر وأحاسيس مدفونة في الذاكرة، وهذا ما حدث معي وأنا أقرأ خبر عودة نجم المنتخب ولاعب الهلال الشلهوب الذي أزعجه خبر مرض والدته، وعاد فوراً للاطمئنان عليها حتى يستطيع أن يؤدي واجبه الوطني، وأدعو الله له بالتوفيق والنجاح.. إن حياة كل إنسان تبدأ من اليوم الذي تلده أمه، وتطرحه على سطح الأرض، وتسطر اسمه في صحيفة الحياة، وهو في مهده رضيع في رعاية الله جلت عظمته.. والأم تحوطه بحنانها وتضمه إلى صدرها وتطوقه بيدها وتخاف عليه من كل شر، وإذا بكى وجد العطف والحنان في صوتها وكلامها، وإذا مرض سهرت الليالي ساجدة لله تتضرع إليه أن يمرضها الله ويشفي ابنها.. وتعرض نفسها وحياتها فداء لابنها.. نعم تلك هي أهمية الحياة عند الأم لابنها، وهي أخلص المخلصين له وأعز الأصدقاء عنده، وإن كل ابن هو مدين في حياته إلى أمه إلى يوم الموقف العظيم، وهي التي تفرح لفرح ابنها وتحزن لحزنه، وهي الطبيب الذي يعالجه، وهي التي ترشده إلى طريق الهدى، ثم بعد ذلك يصبح شاباً يافعاً، وكلنا اليوم نعيش أياماً سعيدة مفرحة، نلهو بها كيفما شاء لنا الهوى، تمر كأنها سويعات، وأياماً تعسة يشقى بها الإنسان تمر كأنها السنون الطوال.. وما أحلى حياة الشباب مرحة جميلة، كم أتمنى أن تطول، وألا تعترينا الكهولة، فأقعد عن الكد والكفاح، ولكن لا محالة، فالسنون تمر وأنا لا أدري بها ولا أشعر برحيلها، على رغم أننا انتقلنا من عالم المرح إلى عالم الشيخوخة الحكيمة وبلغنا من العمر عتياً، وقضينا حياتنا ما بين جد وهزل وطيش ونحن في طريقنا إلى تلك الدار، إذ لا إثم ولا عدوان كالسماء صافية لا تشوبها شائبة المكر والخداع، والشمس صاخبة لا تحجبها سحب النفاق، وأسمع العصافير تسبح بحمد الله، وهو الذي قال: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، تأكل من ثمار الطبيعة.. لقد اشتقت إلى هذه المعيشة بعيداً عن رذائل الحياة كلها، وأنا مرتاح الضمير، لأنني عرفت الحياة، وعرفت خدعتها، وفي إحدى الليالي رأيت في منامي ذلك الشيخ الذي جاءني في المنام، وكله وقار، وعلى وجهه ضوء، وقال لي: أتعلم من أنا أيها المغرم بالحياة؟ وصمت.. ثم قال: أنا الحياة وبين يدي هذا السجل العظيم أدون فيه تاريخاً وأفعالاً وخيراً وشراً وحبّاً وحقداً وصدقاً وكذباً وأمانة ونفاقاً ومصالح وأضراراً ورضا الوالدين لكل إنسان، فقلت له: سبحان الله العظيم، سبحان الله السميع العليم العادل، وهو الذي وعدنا {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}، وشكراً للنجم الشلهوب الذي أيقظ فيَّ حنان الأم وعطفها داعياً الله لها ولكل أم أن يمتعها بالصحة والعافية والسلامة وأن يكسب الأبناء الأوفياء المخلصين الرضا لآبائهم.

(*)الخبير الرياضي

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved