تفاعلاً مع ما كتبه الأخ فهد الثميري لعزيزتي الجزيرة بتاريخ 21 ربيع الآخر بعنوان: نعم لا يحق للإمام الجمع بين وظيفتين في إشارة إلى نية وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد تثبيت أئمة المساجد على وظائف رسمية.. وقد امتدح الأخ الكاتب هذه الخطوة باعتبارها خطوة مباركة من جانب الوزارة تصب في مصلحة الوطن والمواطنين وتمنع استئثار بعض المواطنين بأكثر من وظيفة على حساب مواطنين محرومين من وظيفة واحدة، وقد كان هذا الأمر أعني الجمع بين وظيفتين مقبولاً في زمن مضى عندما لم يكن هناك مشكلة في التوظيف، ولم يكن هناك أعداد كبيرة من الخريجين من مختلف الكليات قاعدين بلا عمل وكان مقبولاً أيضاً عندما كان القادرون على إمامة المساجد متوفرين بأعداد محدودة في كل بلد.
أما الآن فلم يعد هذا الوضع مقبولاً لدى أي مواطن.. فالقادرون على إمامة المساجد متوفرون بكثرة وبأعداد تزيد على عدد المساجد وكلهم من خريجي الكليات الشرعية وغيرهم من الملتزمين من خريجي الكليات الأخرى، ولو وجدت وظائف رسمية للمساجد لزاد الإقبال على الأقسام التي تؤهل خريجيها للعمل في الإمامة والأذان.. لهذا السببب ولسبب آخر غير الراتب والمرتبة وهو وجود السكن المتوفر لعدد كبير من المساجد الذي يتكون في الغالب من فلة للإمام وأخرى للمؤذن، ثم إن العمل في إحدى وظائف المسجد لا يمنع من الاشتغال بأي عمل خاص آخر إضافة إلى السهولة في وجود ما يؤم المصلين من جماعة المسجد في حال غياب الإمام لأي سبب، لكن المشكلة هي كثرة غياب بعض الأئمة التي جعلت المتعاونين معهم من جماعة المسجد لا يتعاونون أو بالأصح يعجزون عن تغطية حالات الغياب المتكررة وصار من المألوف أن تتأخر إقامة الصلاة في بعض المساجد بسبب عدم وجود من يؤمهم.
يحدث هذا في غياب الدور الرقابي الفاعل لإدارات الأوقاف وبسبب انشغال الأئمة الرسميين بالسفر لأمور تتعلق بمحلاتهم التجارية الخاصة أو برحلات الحج والعمرة أو الدعوة أو الترتيب للزواجات الجديدة من الداخل والخارج.. وفيما يخص الزواج من الخارج أذكر أن أحد الأئمة كما سمعت كان - جزاه الله خيراً - قد وعظ الناس قبل مدة وحثهم على الاحتساب والزواج من بنات الوطن وترك الزواج من الخارج باعتباره من أسباب تنامي ظاهرة العنوسة التي أصبحت تهدد مستقبل الزواج لمئات الآلاف من النساء في مجتمعنا بكل ما ينتج عنها من الأضرار والمفاسد.. وكانت موعظة بليغة ومؤثرة جعلت كل من يفكر في الزواج من أجنبية يفكر في العدول عن ذلك، بل جعلت بعض المتزوجين في حيرة من أمرهم هل يُبقي أحدهم على زوجته الأجنبية أم يطلقها.. ولم يحسم هذه الحيرة إلا خبر زواج هذا الإمام من أجنبية في عمر طالبة في الثانوية العامة بعد مرور أقل من عام على هذه الموعظة.. الشاهد أن هناك أكثر من 70 ألف وظيفة إمام كلها مشغولة بموظفين على رأس العمل أو متقاعدين، مما يعني أن هناك مجالاً واسعاً للتوظيف في قطاع المساجد يستوعب الآلاف من خريجي الكليات المؤهلين لإمامة المساجد ومن يمكن تأهيلهم من خلال دورات تأهيلية مناسبة.. المهم أن يكون هناك توجه جاد لإحلال الخريجين تدريجياً محل الأئمة الحاليين.. والله الموفق.
محمد حزاب الغفيلي |