يظلّ الشأن العربيّ العام دائم الحضور في الأولويات السعودية، ولعلّ تحركات اليوم وأمس للقيادة في المملكة تبرز كيف أن المسائل العربية تحظى بكل هذا الاهتمام؛ ففي الوقت الذي انعقدت فيه القمة السعودية - المصرية بين خادم الحرمين الشريفين والرئيس المصري، كان سمو ولي العهد قد بدأ زيارة رسمية لليمن، وبالطبع فإن مظاهر هذا الاهتمام بالشأن العربي تتجاوز مجرد هذه الوقائع التي حدثت في يوم واحد فقط؛ فالدور المحوريّ للمملكة في الساحة العربية الإسلامية يستوجب منها تحركات واسعة النطاق، وعلى كل الأصعدة؛ فهذا الشأن السياسيّ في القمة والزيارة هو واحد ضمن محاور عديدة لتحركات المملكة في محيطها العربيّ؛ فهناك أيضاً التواصل الذي يستهدف تعزيز التبادلات الاقتصادية واستثمار الثروات في الوطن العربي بأموال عربية وبكوادر عربية، وفي هذا المقام نلحظ بوضوح الحجم المقدر لاستثمارات المملكة في الدول العربية.
وفي المشهد الدوليّ العام تتأكد فاعلية التحركات التي تستهدف تفعيل الكيانات الإقليمية، ومن المهم أن تنشط في العالم العربيّ مثل هذه التوجهات بوتيرة أسرع؛ حتى تكون منطقتنا في الموقع المناسب للتناغم مع عالم الكيانات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي تمضي نحو أهدافها مدعومة بالثقل الذي تتمتع به والنابع من جملة عناصر لعل أهمها التجمعات البشرية الكبرى فضلاً عن الإمكانيات الاقتصادية والنفوذ السياسي.
وفيما يتصل بالأزمات الساخنة، فإن القضية الفلسطينية تظلّ دائماً على توهجها بسبب الأهمية التي تتخذها في كامل الشأن العربيّ، ومن الطبيعي أن تكون أحد المحاور المهمة في القمة المصرية - السعودية، خصوصاً أنها تشهد تطورات مفصلية، مع استمرار إسرائيل في تغييب المبادرات التي تستهدف التسوية بسبب تعنتها وإصرارها على تحقيق مكاسب على حساب الشعب الفلسطيني، ومن خلال إصرارها على محاصرة الشعب الفلسطيني والتنكيل به يومياً، ومن خلال ضمّ المزيد من أراضيه متجاوزة بذلك أسس التسوية العادلة.
ومن أجل مواجهة هذا التعنت يصبح من الضروريّ أن تلتقي الدول الفاعلة في المنطقة، ومن بينها بصفة خاصة المملكة ومصر؛ للتأكيد على التوجّه السلميّ العربيّ، ومن أجل إقناع العالم بوجاهة الانحياز العربيّ للسلام، ومن أجل الدفع بمبادرات التسوية التي تحاول إسرائيل تغييبها.
وفي الوقت ذاته فإن هذه القمة تعمل تلقائياً في إطار التوجّه الذي ذهبنا إليه، والذي يستهدف تعزيز البناء العربيّ الكبير بمثل هذه المشاورات التي تتصدّى للمصاعب الآنية، كما تهتم بتقوية الكيان العربيّ الكبير.
|