تشكل المساعدات والمنح والقروض الدولية الميسرة مورداً مهماً لليمن في مواجهة معركة التنمية ومكافحة الفقر، في ضوء تراجع الموارد الطبيعية المعتمدة أساساً على تصدير النفط الخام. وتسعى الحكومة اليمنية للتغلب على فجوة تمويلية هائلة تزيد على 48 بليون دولار، لتحقيق أهداف التنمية الألفية بحلول عام 2015م. وتشير الوثائق الرسمية إلى أن المساعدات الخارجية، من المنظمات والصناديق الدولية والإقليمية ومن الدول الشقيقة والصديقة، تشكل رافداً ضرورياً لعملية التنمية في اليمن، وللتغلب على التحديات التي تواجهه.
وأوضح كتاب أعدته وزارة التخطيط والتعاون الدولي بعنوان (الجمهورية اليمنية 15 سنة من البناء والتطوير)، بمناسبة مرور عقد ونصف على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، أن حرب الخليج الثانية (1991) وتبعاتها، وكذلك الظروف الداخلية التي سبقت حرب (الوحدة) عام 1994، أدت إلى تراجع المساعدات التنموية المقدمة لليمن، نتيجة انسحاب أو توقف معظم الجهات المانحة عن تقديم العون الفني والمالي والعيني لليمن.
وانخفضت القروض والهبات من نحو 400 مليون دولار متوسطاً سنوياً في عام 1990 إلى أقل من 100 مليون عام 1995م. ودعت الحكومة اليمنية إلى لقاء تشاوري مع مجتمع المانحين في بروكسيل عام 1997، نتج عنه تعهد الدول والمنظمات المانحة دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري بنحو 870 مليون دولار. ومثلت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفقر للفترة 2003 - 2005 وثيقة تعاقدية مع الجهات المانحة؛ ما مكنها من دعوة مجتمع المانحين إلى لقاء تشاوري آخر في باريس في تشرين الأول (أكتوبر) 2002 حيث بلغت التعهدات 2.3 بليون دولار.
مساعدات تنموية
بلغ حجم المساعدات التنموية الدولية من هبات وقروض ميسرة، خلال الفترة 1990 - 2004 نحو 3.9 بليون دولار، وهو ما يعادل 260 مليون دولار سنوياً، وبمعدل 13 دولاراً للفرد الواحد. وكان أبرز المانحين البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة المتخصصة والمفوضية الأوروبية والصناديق التمويلية الإقليمية مثل الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الإسلامي وصندوق أوبك. وعلى المستوى الثنائي تعتبر ألمانيا وهولندا واليابان والولايات المتحدة وبريطانيا أهم الدول المانحة لعملية التنمية في اليمن.
وقد بلغت القروض التنموية نحو 2.7 بليون دولار خلال السنوات 1990-2004، بينها 1.4 بليون دولار من هيئة التنمية الدولية (البنك الدولي)، و824 مليون دولار من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، و193 مليون دولار من الصندوق السعودي للتنمية ثم البنك الإسلامي للتنمية، بمبلغ 167 مليون دولار وصندوق أوبك للتنمية بمبلغ 74 مليون دولار.
وبلغت الهبات والمنح نحو 1.3 بليون دولار خلال الفترة نفسها وبلغ الدعم التنموي المقدم عبر منظمات الأمم المتحدة المتخصصة حتى نهاية 2004 نحو 180 مليون دولار. ويقدر حجم المساعدات المقدمة من المفوضية الأوروبية خلال الفترة 1990 -2001بنحو 173 مليون دولار، كما تقدم المفوضية دعماً سنوياً لليمن بمبلغ 13 مليون يورو للفترة 2005-2006م.
ويشير الكتاب إلى أن علاقات اليمن تعمقت مع المنظمات الدولية غير الحكومية وبلغ عددها 44 منظمة، منها 33 منظمة دولية و11 عربية أو إسلامية تزايد حضورها ونشاطها في شكل رئيس مع مطلع عام 2000م. وبلغ إجمالي التمويلات للمشاريع المنفذة من قبل هذه المنظمات 35 مليون دولار خلال الفترة 1990 - 2004م. واحتلت ألمانيا المرتبة الأولى على المستوى الثنائي، فبلغ حجم التعاون معها للفترة 1990-2001 نحو 162 مليون يورو، فيما وصل متوسط الدعم السنوي للأعوام 2003-2004 إلى نحو 37 مليون يورو. وتعد هولندا أيضاً من الدول المهمة المانحة لليمن، إذ بلغت مساعداتها التنموية للفترة 1990-2001 نحو 142مليون دولار، كما اختير اليمن في عام 2002 ضمن قائمة الدول النامية ذات الرعاية والأولوية في المساعدات الهولندية، مما نتج عنه زيادة المساعدات بنسبة 35 في المئة لتصل في عام 2002 إلى 45 مليون يورو. غير أن الحكومة الهولندية قررت نتيجة الأزمة التي واجهت الاقتصاد خفض حجم مساعداتها التنموية للبلدان النامية، ومنها اليمن بنسبة 60 في المئة، لتتراجع المساعدات الهولندية السنوية لليمن إلى نحو 21 مليون يورو في السنة، للفترة 2003-2004م.
الولايات المتحدة
وفقاً لوثائق وزارة التخطيط توقفت المساعدات الاقتصادية الأمريكية في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، ثم استؤنفت في عام 1999 على شكل معونات غذائية سنوية بلغت قيمتها 113 مليون دولار حتى عام 2004م. كما استأنفت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أنشطتها في عام 2002م، بعد توقف دام سبع سنوات، بلغ خلالها حجم الالتزامات التمويلية المقدمة من الوكالة لليمن 34 مليون دولار للأعوام 2001- 2004م، إضافة إلى خمسة ملايين دولار ضمن الدعم المقدم في إطار الشراكة الشرق أوسطية. كما تعزز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة بعد أحداث أيلول (سبتمبر)، وبلغ 125 مليون دولار في مجال تجهيزات وتدريب ودعم خفر السواحل، وجهود مكافحة الإرهاب وبرنامج نزع الألغام. كذلك قدمت اليابان مساعدات تنموية لليمن بلغت 105 ملايين دولار، كما استأنفت بريطانيا مساعداتها التنموية المباشرة بعد شبه توقف خلال عقد التسعينات، وارتفعت في شكل ملحوظ إلى أربعة ملايين دولار عام 2002 ثم تضاعفت إلى 12 مليون دولار عام 2004م. وحصل اليمن أيضاً على مساعدات من دول أوروبية مثل فرنسا وإيطاليا والدنمارك بلغت في مجملها 30 مليون دولار للفترة 1990-2004م.
مجالات الدعم
ويشرح الكتاب أهم المجالات والقطاعات التي تذهب إليها المساعدات والقروض، مشيراً إلى أن 60 في المئة منها يذهب لدعم قطاعات التعليم والصحة والمياه والصرف الصحي والزراعة، مقابل 40 في المئة توجه نحو الدعم الفني والبيئي والبناء المؤسسي وتنمية الموارد البشرية وحماية التراث الثقافي، إضافة إلى مجالات التخفيف من أعباء الديون وبرنامج الإصلاح، وتحديث الخدمة المدنية واللامركزية والإصلاح القضائي والعملية الديمقراطية وحقوق الإنسان، ويصل السحب السنوي إلى نحو 30 في المئة من إجمالي القروض والهبات.
وأنشأت الحكومة بهدف تعزيز جهودها في تسخير مصادر الدعم الخارجي لعملية التنمية في اليمن، وحدة للتنسيق والإشراف على المساعدات التنموية الدولية في وزارة التخطيط والتعاون الدولي، ما يخدم أهداف واستراتيجية التنمية اليمنية، بما في ذلك الإشراف على وضع خطة عمل بالتشاور مع الدول والمنظمات المانحة لتنفيذ التزامات إعلان باريس في آذار (مارس) 2005م، كما سيوضع إطار للتعاون الدولي واستراتيجية لتنسيق المعونات الخارجية وتحقيق فاعلية استخداماتها وتوجيهها بما يخدم أهداف الخطة الخمسية الثالثة للتنمية والتخفيف من الفقر، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات ونظام معلوماتي حول المساعدات التنموية التي يتلقاها اليمن من قروض وهبات تستفيد منها الحكومة والدول والمنظمات المانحة على حد سواء.
|