حتى يحقق الصندوق أهدافه يفترض ألا يقتصر المستفيدون منه على من لديهم القدرة على الادخار بإمكاناتهم ومواردهم الذاتية، بل إنه من المناسب أن يشمل الفئات غير القادرة على الادخار عن طريق استثمار جزء مما يستحقونه من الزكاة، ثم تمليكهم إياه بعد ذلك.
ولا يمنع في هذا الإطار أن تكون للشركات والموسرين ورجال الأعمال مساهمات جادة لهذا الغرض، وفي أقل الأحوال لصالح من يعملون لديهم ممن يستحقون المساعدة.
ويدعم هذا التوجه ما نص الفقهاء عليه من جواز صرف الزكاة لمستحقيها في شكل أصول استثمارية.. إذ أجازوا شراء آلة الحرفة للنجار والحداد من حصيلة الزكاة وتمليكها إياه. ومما يخدم الغرض نفسه، ولكن من جانب آخر تخصيص جزء من حصيلة الزكاة عبر الصندوق نفسه، أو آلية أخرى للاكتتاب في أسهم الشركات الجديدة، ومن ثم تمليك الأسهم للمستفيدين أو المضاربة على أسعارها لصالحهم.
إن أنشطة هذا الصندوق ينبغي ألا تقتصر على المضاربة في السوق المالية الثانوية حيث درجة المخاطرة المرتفعة والإضافة المعدومة للاقتصاد الوطني.
وتبلغ الفائدة والمكاسب من هذا الصندوق أقصى مداها حينما تستثمر موارده في مشروعات إنتاجية - ذات درجة مخاطرة مقبولة - تساعد على زيادة القدرة الإنتاجية للمجتمع، وتعمل على توفير فرص عمل ومصادر دخل جديدة، فتكون الفائدة من الصندوق بذلك متعددة الجوانب.
وفي البحث عن الاستثمارات قليلة المخاطر تقليل لاحتمالات تكبد الصندوق للخسائر خصوصاً إذا كان هذا الأمر مرفوقاً بتوزيع مناسب لها، وإن تحققت في ظل التقيد بهذين الشرطين فهي لن تكون كبيرة خصوصاً إذا تمت إدارة الصندوق بحرفية عالية، ووجدت جهة إشرافية ورقابية على درجة كبيرة من التخصص والأمانة..
ذلك أن أحد أسباب فشل مثل هذه الصناديق ضعف الجانب الإشرافي والرقابي، ووجود فساد مالي يدعمه تعارض مصالح ملاك الصندوق ومن يقوم على إدارته، وهذه مشكلة تقليدية تنشأ بشكل يكاد يكون مستمراً عند اختلاف الملكية عن الإدارة.
إن الفساد المالي لا يقصد به الاختلاسات المالية وما شابهها فقط، بل إنه يشمل أيضاً الهدر والمبالغة في الإنفاق على جوانب معينة مثل المبالغة في الإنفاق على الأثاث والسيارات والسفريات والمباني وديكورات المكاتب والطواقم الإدارية المساندة وغيرها لخلق نظام معين لإدارة الصندوق يشبع المنافع الشخصية لهم. وهذه الأمور هي سبب مباشر للفساد المالي بمعناه السائد، وهي سبب له بمعناه الأوسع في نفس الوقت.
وفي هذه التدابير تقليل للمخاوف من احتمال حدوث خسارة تؤثر على أهداف الصندوق. ومع ذلك وفي حال حدوثها فلا يوجد ما يمنع من تحمل الحكومة لها دعماً للمستفيدين والذين هم ممن يستحقون الدعم والمساعدة.
والأمثلة على هذا كثيرة أقربها الإعفاء من سداد 20% من قيمة القرض الذي كان يمنحه صندوق التنمية العقاري للمقترضين والتسهيلات التي يوفرها صندوق التنمية الزراعي وبرامج الدعم للمشروعات الصغيرة الشائعة جداً في كثير من دول العالم. يضاف إلى ذلك، إمكانية الاستفادة من سهم الغارمين لضمان رأس المال حال تحقق الخسارة.
وعلى العموم، لا يمكن اعتبار ضمان رأس المال للمستفيدين حال الخسارة مشكلة أو عقبة أمام إنشاء الصندوق، فالآليات التقليدية متاحة ومجربة وقدرة العقل البشري على الابتكار والإبداع أوسع وأرحب.
|