حفلت الصحف بالتحليلات المستفيضية عن الآثار الإيجابية المتوقعة للصندوق الذي اقترحه خادم الحرمين الشريفين لتنمية مدخرات أصحاب الدخول المحدودة وانحصر النقاش في مجمله حول ذات الصندوق وأغفل جانب على قدر كبير من الأهمية، وانطوت عليه فكرة الصندوق.. ويتمثل هذا في القدرة على الابتكار والإبداع في علاج مشاكل المجتمع بشكل عام والاقتصادية منها بشكل خاص، إذ إن حل مشاكل أصحاب الدخول المتدنية غالباً من يتركز حول توفير إعانات مالية أو عينية أو كلاهما معاً للمستفيدين في حين أن فكرة الصندوق تتمحور حول كيفية توفير دخل إضافي أو رئيسي مستدام لهذه الفئة يعمل على الارتقاء بمستوى معيشتها.والصندوق بهذا يشكل نقلة نوعية في طبيعة برنامج الدعاية الاجتماعية فتنتقل من مجرد توفير المتطلبات والاحتياجات اليومية إلى توفير أصل إنتاجي يدر دخلاً على المستفيدين إضافة إلى ذلك فهو أداة لتخفيف شيء من العبء الخاص بتمويل برامج الرعاية الاجتماعية والذي تتحمله الحكومة.
ومن مزايا الصندوق التي تضاف إلى آثاره المباشرة الإيجابية، أنه يعمل كحافز لأصحاب الدخول المتدنية على الادخار ومن ثم الاستثمار ذلك أن هذا الحافز يكاد يكون منفرداً لدى هذه الفئة أو ضعيفاً في أحسن الأحوال إذ إنه مرتبط بوجود جدوى للإدخار يتمثل في إمكانية استثمار المدخرات الصغيرة في مجالات ذات تأثر مناسب وبدرجة مخاطرة يمكن تحمليه ومتى شعر الفرد بتدني إمكانية استثمار مدخراته ومن ثم تدني فرص الحصول على العائد المناسب فإن الحافز على الإدخار يبدأ التقلص إلى أن يتلاشى تدريجياً.
ومن الأمثلة التقليدية لدى الاقتصاديين على مثل هذه الحالة توجه أصحاب الدخول المنخفضة نحو الإنفاق على ترميم منازلهم المتواضعة المملوكة لهم أو المستأجرة أو على تأثيثها من حين لآخر عوضاً عن التفكير في شراء منزل جديد في حال ملكية الأسرة لواحد قديم أو تملكه لأول مرة في حال الاستئجار ويرجع السبب في ذلك إلى ضخامة قيمة المنازل الجديدة والتي لاتتناسب مع قدرة هذه الأسر على الادخار فانعدم الحافز لديها لهذا الغرض.. واتجهت بناء على ذلك إلى تحسين المساكن الحالية منها، إن هذا سيعمل على الارتقاء بمستوى المعيشة.
والصندوق عند قيامه بهذه الوظيفة يوفر قنوات استثمارية الأفراد في أمس الحاجة إليها لتنمية مدخراتهم وتوليد مصادر جديدة للدخل، وهو في نفس الوقت يقوم بجميع المدخرات الصغيرة وتوجيها نحو إيجاد وحدات إنتاجية جديدة تعمل على تنويع وتوسيع قاعدة الدخل للمجتمع ككل وتوفير فرص عمل جديدة وما كان بمقدور هذه المدخرات منفردة أن يكون لها هذا الإسهام في العملية التنموية.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذه الآثار مجتمعة لابد أن تؤخذ في الاعتبار ولا يقتصر على مجرد الآثار المباشرة أو المقصودة حتى يتوافر له القدر المناسب من الدعم.
| 
"الاقتصادية"