Wednesday 17th May,200612284العددالاربعاء 19 ,ربيع الآخر 1427

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

انت في"منوعـات"

وتاليتها....؟! وتاليتها....؟!
أ. د. هند بنت ماجد بن خثيلة *

لا تزال مقولة (الرجل المناسب في المكان المناسب) تطغى على كل حديث يتعلق بمناسبة الموظف للوظيفة، وأصبح هذا الشعار عاماً عند التعرض لكل أداءٍ غير سليم يرد مباشرةً على عدم كفاءة مؤديه.
ولم نسمع حتى الآن من يقول: (المرأة المناسبة في الوظيفة المناسبة) لا لشيء إلا لأن هذه المقولة من الصعب تطبيقها أو تطويعها لتناسب عمل المرأة في مجتمعنا الذي أخذت فيه المحسوبيات مجدها، واحتلت فيه الواسطات مكانها العالية من خلال الصداقات والعلاقات والمصالح الخاصة، أما مصلحة الوطن والمجتمع وبناء مرافق الحياة، وتمجيد القيم فهي آخر أمور يفكر بها هؤلاء.
منذ أسابيع قليلة كانت هناك وظيفة شاغرة للمرأة، يتطلب متخصصة في علوم الإدارة والتدريب، وكانت موظفات تلك الجهة ينتظرن تعيين امرأة متخصصة متمكنة في تجربتها لتتمكن من التأسيس لهذا المجال المهني، وهو ما يعود بالفائدة على المجتمع وأفراده.
الذي حصل أنه تم تعيين إحدى الموظفات في هذا المكان الشاغر، وتم ملء الفراغ.. ولكن ليس بخبرة وشهادة إدارية، إنما خريجة كلية الآداب قسم اللغة العربية!! الكل تفاجأ بهذا التعيين، وأخذت الموظفات يتذرن به، لا لأن تخصص اللغة العربية أقل قيمة من الشهادة الإدارية، لكن لأن هذا التعيين كان بمثابة من يلوي عنق التخصصات ليتساير مع (تخصص المحسوبيات)!! ولم يغب عن بال أولئك أن التخصص الرئيس لتلك الموظفة كان في مادة النحو والصرف.. ولكن عبثاً وجدنّ لذلك تصريفاً!
هل نحن مضطرون إلى السعودة الشكلية، وإقحام المرأة في أية وظيفة لنقول إن المرأة السعودية تمكنت من اقتحام ميدان الوظيفة، أي وظيفة؟ الذي نريده ليس تمكين المرأة من الوظيفة، وإنما تمكين المرأة في قدراتها وأدائها، لتكون قادرة على الإبداع في تخصصها وفي وظيفتها المناسبة لقدراتها (غير ذلك يمكن أن يدخل في باب (الحشو الوظيفي) الذي سيشكل في مجتمعنا لا محالة بطالة مقنعة يكون أبطالها سعاة الواسطة، وتكون ضحاياها التنمية المستدامة في المجتمع وتطوير المؤسسات التي تقوم عليها نهضة الأمة.
المشكلة تكبر معنى وأثراً حين نعلم أن هناك من الموظفات المناسبات لمثل هذه الوظائف ممكن ينتظرن على قوائم البطالة الحقيقية في المجتمع، ولم تشفع لهن سيرهن الذاتية ولا اختصاصاتهن النادرة.. فقط الذي يحول بينهن وبين الوظيفة المناسبة عدم وجود الاختبار النظيف والأمين للأيدي العاملة التي تقوم على عاتقها مهمة بناء الوطن وتنمية قدراته.
وليس غريباً والحالة هذه أن تكون الأسماء الأخيرة (العائلة) لجيش من الموظفين والموظفات في وزارة أو إدارة ما، هي نفسها خاتمة اسم المسؤول أو المدير، وبات يكفي أن يستلم أحدهم منصبه لتتبعه العائلة بقضها وقضيضها إلى أروقة وصمامات الوظائف المختلفة!!
هذا الذي يحدث ليس هدراً لقدرات أبناء وبنات الوطن فحسب، لكنه هدرُ للقيّم المهنية والمسؤولية التي هي بمثابة الأمانة يحملها كل ذي منصب. أو مال أو قرار، وهو في الوقت نفسه إنذار يتوالى قرع أجراسه على مسامعنا جميعاً بأن تغيب العدالة في العمل وفرصة، إنما يعني مصادرة حقوق المواطن التي كفلتها له الشريعة السمحاء والقيادة الرشيدة.
ولا يكتفي بعض (الواصلين) بتجاهل أهل التخصصات والخبرات والقدرات، لكنهم تمادياً في غيهم وتعاليهم على هؤلاء بأن يأتوا إلى الشخص ويسألونه بأنهم في حاجة إلى من هم في مثل مؤهلاته، ويصرحون بأنهم في حاجة إلى أمثالهم، ولكن.. الذي لا يصرحون به بعد (ولكن) إنما يقصدون من يروق لهم (فكراً) أو قرابة أو نسباً أو مصلحة.. وتاليتها..؟!!

* فاكس: 2051900

 


[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved